Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

مصر.. حضن العرب الدافئ

A A
مصر أو (المحروسة) كما يُطلق عليها البعض، هذه البلاد التي تشعر -وأنت تتسكَّع في طرقاتها- بأنها أنموذج كل البلدان العربية، تحفظ في جوفها كل الوطن العربي لكثرة اللاجئين إليها، هي بمثابة الحضن الدافئ، والأم الرؤوم لكل الذين يُعانون من شتات الحروب، والمقبلين على الحياة، والفارين من الاضطهاد، ومحافظاتها تمتزج بكل المحافظات العربية، ترى فيها الخرطوم، وبغداد، ودمشق، وغزة، وطرابلس، وصنعاء، ومقديشو، كل تلك الوجوه بمختلف السحنات، تشرق وتغرب عليها شمس مصر، جلهم وجدوا أن مصر هي الملاذ الآمن لهم، ليست هي الشعوب وحدها التي كان لديها هذا الإحساس وهذا الشعور بالأمان، بل لجأ إليها من قبلهم بعض رموز السياسة، وقادة حركات التحرر من الاستعمار، لجأ إليها المناضل المغربي عبدالكريم الخطابي سنة 1946، والزعيم السوري شكري القوتلي، وفي الخمسينيات لجأ إليها الرئيس التونسي الحبيب بو رقيبة الذي اتخذ من مصر قاعدة انطلاق لتحرير بلاده من الاستعمار الفرنسي، وكذلك الزعيم الجزائري أحمد بن بيلا الذي لجأ إليها سنة 1953 وانطلق منها لتحرير بلاده، وأصبح أول رئيس للجزائر سنة 1963، كذلك لجأ إليها الرئيس العراقي صدام حسين قبل أن يكون رئيساً، وأقام بها ردحاً من الزمن، ومن ثم عاد لبلاده، كما أقام بها آخر ملوك ليبيا الملك إدريس السنوسي، والرئيس السوداني جعفر نميري بعد أن أُطيح به، وكذلك الصادق المهدي، وشاه إيران الملك محمد رضا بهلوي الذي أقام بها حتى وافاه الأجل، كل أولئك فضَّلوا اللجوء إلى مصر، ولم تخيِّب مصر آمالهم لكونها واحة أمان.

ومع زيادة عدد السكان في مصر الذي يفوق المائة مليون، الأمر الذي يُشكِّل عبئاً اقتصادياً على البلاد، إلا أنها لازالت تتقاسم مع أشقائها مواردها، فتحت لهم مستشفياتها ومدارسها وجامعاتها غير آبهة للضائقة الاقتصادية، فحسب إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، هناك ما يقارب من 600 ألف لاجيء من سوريا، ومليوني لاجئ من السودان، و60 ألف لاجئ من اليمن، بالإضافة إلى لاجئين آخرين من فلسطين، والصومال، وإثيوبيا، والعراق، لا يعرف عددهم، وهم أكثر بكثير من الأرقام التي تعدها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ذلك لأن أغلب أولئك يتأففون من التسجيل عن طريقها، ولا يذهب إليها إلا القلة، والليبيون وكذلك الطبقة المتوسطة من السوريين واليمنيين من أبرز أولئك.

تسهيلاتٌ شتى، تُقدِّمها مصر لأشقائها المستغيثين بها، ولا تعبأ بثقلهم الاقتصادي، مؤمنة برسالتها الإنسانية، وأنها الوطن الذي يسعى لنجدة الأشقاء، والحضن الدافئ الذي يسعُ الجميع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store