Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد أحمد مقبول

اعتذار

A A
الخطأ طبيعة بشرية.. لا عاقل يناقش في ذلك. لو لم نكن خطائين لكنُّا ملائكة.

تتفاوت أخطاؤنا في طبيعتها وحجمها وأثرها.. وتختلف بحسب من أخطأنا في حقه.

أخطاؤنا في حق خالقنا وربنا ذنوب وآثام.. ولأن الله عز وجل من أسمائه وصفاته العليا الرحمن الرحيم والعفوُّ الغفور فإنه يرحم عبيده -وكلنا عبيده- ويتفضل علينا بالرحمة ويفتح لنا أبواب الاستغفار لنستغفره ونطلب منه العفو والمغفرة فيمّن علينا بها.

أخطاؤنا في حق والدينا كبيرة مهما صغرت.. ولكن مساحات التسامح والحب لديهم مشّرعة مفتوحة لا حدود لها لذلك يتجاوزون عن زلَّاتنا وأخطائنا بقلوب كبيرة ملؤها الحنان والمحبة والاحتواء.

أخطاؤنا في حق أبنائنا تتفاوت بين التقصير والإهمال أو الغلظة والفظاظة أحياناً.. وتنشأ كثير من تلك الأخطاء في حقهم إما نتيجة تفاوت الفهم والمفاهيم أو الانشغال عنهم لأسباب أو لأخرى.. بعض أخطائنا في حقهم تترك آثاراً وقتية وبعضها يترك جروحاً تحتاج الى زمن وبعضها قد يكون كارثياً لا قدر الله.

أخطاؤنا في حق إخوتنا وأخواتنا قد تكون هفوات تستوعبها مساحات الود وتنجلي آثارها بشيء من العتب اللطيف وقد تباعد المسافات وتبني شيئاً من الحواجز مع الأيام.

أخطاؤنا في حق أحبتنا.. تبدو من اللحظة الأولى أكبر من كونها مجرد أخطاء.. وقعُها يكون أعمق يصاحبها ما يمكن تسميته (دهشة) أو ربما حتى (صدمة) .. لأنهم لا يتوقعون منك الخطأ في حقهم لمنزلتهم ومكانتهم عندك التي يؤمنون بها، عندها يكون الخطأ وكأنه أصاب شيئاً من هذا الإيمان وهذه المكانة الرفيعة.. لذلك يكون أثر الخطأ عليهم مؤلماً ويبقي العلاج على قدر الرصيد الذي تمتلكه في قلوبهم وأنفسهم وعلى قدرك لديهم.

بنظرة تأمل بسيطة نلاحظ العلاقة الطردية بين عمق وأثر الخطأ أو الشعور به وبين القدرة على التسامح والعفو وبين مستوى الحب، بمعنى آخر تكبر أخطاؤنا مهما صغرت عند من يحبنا أكثر، كما تتسع مساحات التسامح والعفو والقدرة على التجاوز عن الأخطاء كلما كانت المحبة أكبر. وفي كل الأحوال مثلما نتجرأ على فعل الخطأ ينبغي أن نكون أكثر شجاعة في الاعتذار والاعتراف بأخطائنا والتسامي على أنفسنا، في المقابل أيضاً ينبغي أن نشرع أبواب قلوبنا لمزيد من التسامح وكثير من قبول الاعتذار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store