Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

صانع الخبز ليس آكل الخبز!!

بضاعة مزجاة

A A
أحسنت جريدة المدينة صُنْعاً باستحداثها زاوية اسمها «لائحة الشرف» التي تعرض فيها نماذج من الشباب السعودي الذي بدأ ينخرط في العمل بالمِهَن اليدوية التي احتكرها الأجانب لعقود، والتي تُمثّل السواد الأعظم من المِهَن في كلّ بلد، وإن لم يُزاولها شبابُ أيّ بلد في بلده فذلك هو الوضع الغريب الذي يستلزم إعادة النظر فيه وإعادته لجادة الصواب!.

وقد أعجبتني ترويسة الزاوية التي تقول:

«شباب صنعوا بالعمل والجُهْد والصبر حكاية مجد.. هؤلاء لم ترفعهم جريدة المدينة إلى أعلى لائحة الشرف، بل حملتهم أعمالُهم إلى قلب اللائحة».

كلام جميل وحقيقي ومُؤثِّر، فشكراً للجريدة على لائحتها الوطنية المجيدة!.

ولأنّ خلفيتي المهنية هي هندسية، ولأنّني عملت في الكثير من المشروعات الإنشائية، أراني من أكثر الناس شعوراً بأهمية المِهَن اليدوية، وكم كتبْتُ وطالبْتُ والتمسْتُ في الماضي أن تكون لدينا بُنية شباب سعودي يُجيد العمل الميداني في مِهَن الإنشاء اليدوية، في كافّة التخصّصات الهندسية، ممّا تُعَدُّ بالمئات من المهن، فما حصل في العقود السابقة وما يحصل حالياً هو استقدام مهنيين أجانب بمئات الألوف وربّما ملايين، يَفِدُون إلينا بالخبرة القليلة، وأحايين كثيرة بلا أيّ خبرة، ويعودون لبلادهم بعد انتهاء عقودهم بالخبرة الكبيرة، فضلاً عن المال الوفير، وبذلك يكونون هم المُستفيد المهني الوحيد من مشروعاتنا الكثيرة والضخمة، ونحن معهم في ذلك نشبه صانع الخبز مع آكل الخُبْز الذي لا يُجيد صناعته، هل يستويان مثلاً؟، كلّا بالطبع، إذ لو ذهب الصانع، فما عسى الآكِلِ أن يفعله وهو لم يتعوّد سوى على أكل الخُبْز؟، وأنا هنا أُركّز على المهن اليدوية الإنشائية لأنّها المهمّة بل الأهم، وتُعتبر أمّ المِهَن كما هي ألعاب القُوى أمّ الرياضات، وليت وظائف رؤية ٢٠٣٠ تشملها من ألِفِها ليائها، فلا ينقضي عام ٢٠٣٠م إلّا وقد وطّناها بنسبة نفتخر بها، وأمسينا نسكن ونعمل في مدن قد أنشأتها أيدي شبابنا التي ارتوت بعرقهم، لا بالإشراف عن بُعْد من المكاتب الوثيرة، بل في مواقع العمل المُباشرة حيث الشرف التليد، والخير، كلّ الخير فيمن سكن وعمل فيما صنعته سواعده، كما هو الخير فيمن أكل ولبس ممّا صنعته يداه، والشباب السعودي مُطالَب بنبذ الترفّع عن هذه المهن وكأنّها عار، فالعار هو أن يبني لنا العُمّال الأجانب، بينما نحن نكتفي بالتفرّج ودفع المال!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store