Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

المكسرات والموالح في تعريف المصالح!

الحبر الأصفر

A A
البَشَر تُحرِّكهم المَصَالِح، والمَصلَحَة إمَّا أَنْ تَكون شَخصيَّة، أَو تَكون عَامَّة، وهُنَاك مَن يَرَى أَنَّ الخَاص والعَام يَتدَاخَل، لدَرجة صعُوبة الفَصْل بَينهمَا.. ونَظراً لأنَّني مَهمومٌ بمَصَالِح النَّاس، أَطرح -اليَوم- تَعريف المَصلَحَة، لَعلَّنا نُوسِّع مِن دَائِرته، أَو نُضيِّق انتهَازيَّة الأَفرَاد، الذين لَا تَهمّهم إلَّا المَصَالِح الشَّخصيَّة..!

فالمَصلَحة هي طَقسٌ مِن الطقُوس، يُمَارسها النَّاس بكُلِّ حِرصٍ واهتمَام، بَل تَهوَّر الأَديب الفِرنسي "فولتير"، ورَفعهَا إلَى دَرجة "المَعبُود" كالمَال، حَيثُ يَقول: (المَصلَحَة لَيس لَهَا مَعبَد، ولَكنَّها تُعبَد)..!

وهُنَاك مَن يَقول: إنَّ المَصلَحَة العَامَّة والمَصلَحَة الخَاصَّة؛ تَصبَّان فِي نَهرٍ وَاحِد، فإذَا حَافَظتَ عَلَى نَظَافة الشَّارِع؛ الذي بجوَار مَنزلك، فهَذه مَصلَحَة شَخصيَّة، لَكنَّك فِي نَفس الوَقت، حَافَظتَ عَلَى المَصلَحَة العَامَّة، وفِي ذَلك يَقول المَثَل الإنجليزي: (لَيسَت المَصلَحَة العَامَّة؛ سوَى مَجمُوع مَصَالِح خَاصَّة)..!

ويَرَى بَعض الفَلَاسِفَة؛ أَنَّه مِن الصّعوبَةِ بمَكَان؛ الفَصل بَين المَصلَحَة الشَّخصيَّة؛ والمَصلَحَة العَامَّة، لأَنَّهمَا يَتدَاخلَان بشَكلٍ عَميق، وقَد اختَصَر الحِكَايَة الأَديب "شيلر"، فأَرَاح أَدمغتنَا حِينَ قَال: (العَالَم مَحكومٌ بالمَصْلَحَة الشَّخصيَّة)..!

أَكثَر مِن ذَلك، الإنسَان يُولَد فِي الدُّنيَا؛ فتَنمُو مَعه المَبَادئ والفَضَائِل والأَخلَاق، ولَكن مَصلَحته الشَّخصيَّة -أَحيَاناً- تَتَعَارَض مَع المَبَادئ، وإذَا حَدَثَ ذَلِك، فمَن الذي يَنتَصر؟.. يُجيب عَن هَذا السُّؤَال، الأَديب الكَبير "توفيق الحكيم"، حَيثُ يَقول: (المَصلَحَة الشَّخصيَّة هي -دَائِماً- الصَّخرَة التي تَتحطَّم عَليهَا أَقوَى المَبَادئ)..!

وكَمَا يُؤمن كَثيرٌ مِنَّا أنَّ "الحُب أَعمَى"، هُنَاك مَن يَرَى أَشيَاءً؛ أَكثَر عَمَى مِن الحُبِّ، مِثل الأَديب "فولتير"، الذي وَصَفَ المَصلَحَة قَائِلاً: (المَصلَحَة أَكثَر عَمَى مِن الحُبِّ)..!

إنَّ صَاحِب المَصلَحَة الشَّخصيَّة، يَجب أَنْ لَا يَكون أَنَانياً، بَل مِن النُّبل أَنْ يُوسِّع دَائِرته عَلَى طَريقة: "ربِّي ارزقنِي وارزق مِنِّي"، وقَد شَرَحَ هَذه الفِكرة أحَد الأُدبَاء حِينَ قَال: (المَرء الذي لَا يَعيش لغَيرهِ، لَا يَعيش لنَفسه)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: كُلُّ الطَّائِرَات تَستَرشد بأَبرَاج المُرَاقَبَة، والسُّفن تَبحَث عَن المَنَارَات؛ لتَرسُو عَلَى الشَّواطئ بأَمَان، والمُسلِم حِينَ يُصلِّي؛ يَبحَث عَن اتِّجَاه القِبلَة، ولَكن مَا هي بُوصلة الإنسَان -عمُوماً-؟.. يُجيب عَن هَذا السُّؤَال؛ المَثَل الفِرنسي القَائِل: (مَصلَحتنَا، هي البُوصلَة التي نَستَرشِد بِهَا)..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store