Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

"شيء وشويات" عمرو موسى.. الجولان و"يعاقبة" العرب!

إضاءة مختصر

A A
فجأة، خرج علينا السيد عمرو موسى أميننا العربي السابق مُحذِّرًا أو -على الأقل- مُنبِّها لخطورة نسيان احتلال الجولان في زحمة المطالبة العربية بخروج تركيا وإيران من سوريا.. ولفت موسى في مقاله المنشور بـ»الشرق الأوسط» إلى أنه في أكتوبر الماضي أصدر بنيامين نتنياهو تصريحًا عن ضرورة إنهاء وضع هضبة الجولان القانوني بوصفها أرضًا محتلة وضمها إلى إسرائيل.

وامتدادًا للمخطط، وفي ديسمبر 2018، طُرح مشروع قرار على مجلس الشيوخ الأمريكي، من المقرر أن ينظره في مطلع عام 2019؛ ينص على الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتلة، باعتبار أن «أمن إسرائيل جزء من الأمن القومي للولايات المتحدة»، نحن إذن -كما يقول موسى- أمام تطوُّر خطير في المسألة السورية.

وإذا كان الحديث يتواتر عن أهمية الحفاظ على سيادة سوريا وسلامة أراضيها كافة في أي حَلٍّ مقبل فإن المقصود بذلك يجب أن يكون شاملًا وفي مواجهة الجميع، فمُطالبة إيران وتركيا فقط بالانسحاب من سوريا واحترام سيادتها على أراضيها مع السكوت عن مُخطَّطات وخُطوات فصل الجولان، أمر يُشكِّل خطأً سياسيًا مُؤثِّرًا في مصداقية أي حل مقبل!

شخصيًا، ومع تحفُّظي الشديد على بعض مواقف السيد‏ عمرو موسى، مازلتُ أثق في كل ما يطرحه عربيًا، بل أشعر إزاء تصريحاته بقدرٍ كبير من الثقة والاطمئنان.

لذلك توقَّفت كثيرًا أمام تحذيره من أن نسيان موضوع احتلال إسرائيل للجولان سيؤدي إلى فوضى سياسية كبيرة في سوريا وفي العالم العربي، بصرف النظر عن موقف «يَعَاقِبَة» العرب الذين في نفوسهم «شيء وشويات»، كما نقول في مصر، إزاء مستقبل العالم العربي وكيانه وسيادة دوله على أراضيها.

لم أبحث عن معنى «شيء وشويات»، لكني بحثتُ عن معنى «يعاقبة» في قاموس «المعجم الوسيط» فوجدتها: فرقة من النصارى أَتباع يعقوب البرادعي، الذي عاش في الشام في القرن السادس للميلاد؛ يقولون باتحاد اللاهوت والناسوت، ويُعرفون بأَصحاب الطبيعة الواحدة.

والحق أنني لستُ أدري على وجه الدقة، ما الذي يقصده السيد عمرو موسى بيعاقبة العرب؟، هل يقصد أهل الجولان؟، أو شريحة أوسع من الأقليات التي تعيش في قلب الأمة العربية؟.

في الحالتين أو عن الاحتمالين أقول: إن مواقف أبناء الجولان الأخيرة وتمسكهم بالأرض العربية ورفضهم لإجراء أي انتخابات إسرائيلية، إنما تبعث على الفخر والاعتزاز، فإذا ما أضفنا لذلك مواقف الإخوة المسيحيين المدافعين عن عروبة القدس، يصبح الخوف كل الخوف من الأغلبية العربية المسلمة لا من سواها.

والحق كذلك أنني تمنيتُ لو عرج السيد‏ عمرو موسى، وهو يُحذِّر من استغلال مُقدِّمي المشروع الأمريكي الخاص بضم إسرائيل للجولان، لما أسماه هو بوضعية «العالم العربي الخامد»، أن يتطرق ليس فقط ليعاقبة العرب.. وإنما لتنكُّر غسان للمنذر، أو تنذر المنذر لغسان، وخفوت مروءات بني مروان، وبكاء مضر وعدنان.. على ما جرى وكان.

تمنيتُ لو أن أمين العرب السابق عمرو موسى وهو يتحدث عن «يعاقبة» العرب واستغلال النواب الأمريكيين لحالة «الخمود العربي»، لو تطرَّق إلى حالة الوجع العربي التي سمحت بعربدة الأحقاد والأضغان، وتحوُّل كثير من العرب أو العربان إلى سماسرة، إما للقيصر، وإما لكسرى، وإما للحاخام.

تمنيتُ من السيد عمرو موسى، طالما أعادنا إلى «يعاقبة» العرب، أن يستنفر بني حمدان وبني عدنان وقحطان، وأن يُحذِّر من ظاهرة بروز الأعداء بأردية الإخوان، وأن ينتبه القوم لخطورة ضياع ما بقي «عربيًا» من فلسطين واليمن وسوريا والعراق ولبنان.

مع ذلك ومهما كانت الدوافع الحقيقية وراء تحذيرات السيد‏ عمرو موسى، التي أُكرر ارتياحي إليها في كل عصر، أقول: إن التركيز على أهمية بقاء سوريا عربية، وخروج إيران وتركيا، لا ينبغي بحال أن يُلهينا عن المطالبة بخروج إسرائيل من الجولان.

أما بالنسبة لمطالبة موسى للدول العربية، وبصفةٍ خاصة تلك التي لديها وكالات دعاية وتواصل، (شركات اللوبي) في واشنطن، بمهمة الترويج للجولان العربية السورية، فلن أقول لموسى: إن الأمر فيه «شيء وشويات»، وإنما أقول: «غالي والطلب غالي»، أنت تعرف وضعنا جميعًا الآن.

لقد أيقن السيد‏ عمرو موسى في نهاية مقاله المفاجئ عن الجولان العربي السوري، أن مخاطبة أو مناشدة العرب للتحرُّك على كل الأصعدة أمر صعب المنال، فتوجَّه بمناشدته إلى ولي الأمر العربي على الصعيد الروسي السيد الأستاذ فلاديمير بوتين رئيس روسيا.. «ولهما من الود والاحترام في أركان العالم العربي الكثير، بأن يكون هناك موقف روسي حازم إزاء هذا التطور الخطير»! هكذا -أو كده- كما يقول المصريون أستطيع أن أقول: كلام جميل كلام معقول!..

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store