Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

بابا نويل وبابا فرحان

A A
بابا نويل كما يسمى عند الفرنسيين، وسانتا كلوز كما يسمى عند الأمريكان وسائر البلدان الغربية، شخصية خرافية مرتبطة بعيد الميلاد: christmas : noel ومعناه في الفرنسية : الأب ميلاد نسبة لعيد الميلاد أي ميلاد المسيح عليه السلام، أما معنى سانتا كلوز فلا أعرفه، وتترجمه القواميس: انجليزي - عربي هكذا بابا نويل ولا تستحق التسمية البحث الدقيق فيها ويكفي أن نقول: إنه شخصية خرافية مرتبطة بعيد الميلاد يمثلها رجل عجوز لحيته بيضاء كثة وشعره أبيض غزير، له زيٌّ معروف أحمر وأبيض، ويعتمر قبعة باللون نفسه، يأتي من (مكان ما) ليلة عيد الميلاد راكباً عربة تجرها أربعة أيائل، تستطيع هذه العربة أن تطير، لتصل الى كل بيت يحتفل أهله بأعياد الميلاد، ويهبط سانتا من المدخنة في الغالب ليضع لكل طفل هديته في أكياس يعلقها الأهل حول المدخنة، وفي الصباح يخبر الأهل أولادهم بأن سانتا هبط من المدخنة ليلاً وترك لكل منهم هدية في كيسه. هذه هي الخرافة التي يؤصِّلها النصارى في عقول ونفوس أبنائهم من الصغر لتحبيبهم ببابا نويل المرتبط بالهدايا و(بيسوع) أو عيسى عليه السلام الذي أرسل لهم الهدايا عن طريق بابا نويل أو سانتا مكافأة لهم على احتفالهم بميلاده، ويسوع بالنسبة لهم جميعا (رب) أو (إله) كما هو معروف وإن اختلفت مذاهبهم بين بروتستانت وكاثوليك وسواهم في مسألة (التثليث). وهناك مظاهر أخرى للاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة عند النصارى أبرزها شجرة الميلاد: Christmas tree

التي تزدان بها بيوتهم وتعلق فيها الأنوار والكرات الملونة وأيقونات أخرى معروفة وليس صحيحاً ما يدعيه بعض العرب والمسلمين أنها لا تحمل أي دلائل أو معاني دينية محددة، فقد وردني تسجيل لأحد القساوسة يشرح فيه معنى كل أيقونة تعلق في الشجرة ودلالاته المرتبطة بالديانة النصرانية. المهم أن سانتا كلوز أو شجرة الميلاد وسواها شؤون دينية خاصة بالنصارى وترتبط بمناسباتهم واحتفالاتهم ولا شأن لنا بها وإن قلدناهم فيها كما نقلدهم في كل شي، فإن ذلك ولاشك يعتبر استلاباً ثقافياً وفكرياً وحضارياً قبل أن يكون تجاوزاً دينياً. ولكي نفهم غرابة الموقف، لنتصور أن الغربيين يعلقون فوانيس رمضان في بيوتهم أيام رمضان أو يغنون وحوي يا وحوي، كما يغني بعض المسلمين: (جنجل بل) أنشودة عيد الميلاد الشهيرة التي ترجمتها فيروز إلى : ليلة عيد.

وتعلُّق أبناء العرب والمسلمين بشخصية سانتا كلوز أو بابا نويل له أسباب ثقافية واجتماعية وإعلامية عديدة من أهمها: عدم وجود شخصية عربية خيالية يمكن أن يتعلقوا بها أو يحبوها بسبب التقصير الإعلامي والفني العربي عموماً، وفي بلادنا ودول الخليج خصوصاً، ومن عجب فإن الأعمال الفنية المبدعة الرائدة كانت تملأ شاشة تلفزيوننا السعودي الى ما قبل عشرين عاماً أو يزيد، ولم نعد نرى شيئاً منها اليوم بعد كل هذه الثورة المعلوماتية والتقنية وظهور الفضائيات بالمئات. وأذكركما يذكر غيري شخصية (بابا فرحان) التي كان يمثلها الفنان والإعلامي القدير عبدالستار صبيحي رحمه الله بصوته الرخيم ذي البصمة المميزة، وكان كثير من الأطفال يتعلقون بهذه الشخصية التي تقدم لهم المثل والأخلاقيات في قالب تمثيلي خفيف الظل وما زال أبنائي الذين تجاوز بعضهم الثلاثين يذكرونها.

نحن بحاجة ولاشك الى صناعة شخصيات كبابا فرحان بحرفية وإتقان يناسبان المستوى الإعلامي الرفيع هذه الأيام ليتعلق بها أطفالنا بدل أن يتعلقوا بشخصية بابا نويل أو سواها، وهو واحد من الآمال التي نعلقها على معالي وزير الإعلام الجديد أ. تركي بن عبد الله الشبانة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store