Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

«رهف» تمثّل نفسها لا بنات جنسها

شمس الأصيل

A A
تعلّمنا في المنهجية العلمية أنَّ تعميم النتائج لا يُمكن أن يكون صحيحاً ما لم يكن مُمثلِاً للمجتمع الكلي، وتأسيساً على هذه القاعدة أرى أنَّ إسقاطها على حادثة هروب الفتاة السعودية إلى تايلند ومنها إلى كندا سليمة، وشاهد الإثبات على ذلك أن عدد الإناث السعوديات بلغ 10 ملايين و192 ألفاً و732 نسمة في آخر إحصائية رسمية صدرت عن الهيئة العامة للإحصاء يُمثل عُمر الفتاة الهاربة ذات الثماني عشرة سنة 33% لم يسبق لهن الزواج، وهذا يعني أنَّ الحكم على ملايين النساء -سواءً بالسلب أم بالإيجاب- بناءً على سلوك إحداهن يُعدُّ جائراً في حق البقيِّة ولا يتسق مع الموضوعية ويتباين مع الواقع لمُجتمع تحكمه قيمٌ سامية وعادات نبيلة تلْفظ مثل هذه التجاوزات، وتُعدُّه انتهاكاً صارخاً للسُّلّم القِيَمي المُحَدِد لكل التفاعلات ذات التأثر والتأثير.

ولكن المنظومة الإعلامية ذات البُعد غير المهني والتوجُّه غير الأخلاقي هي مَنْ نقلت هذه الممارسة من كونها حالة فرديّة إلى قضية رأي عام دولي اُستُغل فيه التوتر السياسي مع كندا؛ ليكون هو المُغذِّي لمادتها الأساسية على مدى أيام لنشاطها المشبوه، والمُخجل هو الموقف الرسمي للخارجية الكندية التي كانت «عرّابتها» على رأس مستقبلي الفتاة الهاربة بالمطار في سلوك حتماً يتنافى مع الأعراف الدبلوماسية التي تعمل على عدم تصيُّد الأخطاء الذاتية واستغلالها في تصفية الحسابات الخارجة عن إطار الخلاف الرسمي الذي أدى إلى التباين في وجهات النظر بين البلدين.

لقد عرَّت هذه القضية الشخصية الديمقراطية «المُفصلّة» -إنْ صح التعبير- التي تضيق وتتسع بحسب المصالح الذاتية لا المبادئ التي قامت عليها، وتُنْتَهَك جرّاء المكاسب المُتوخاة بدون أيّ اعتبار للقيم التي تبنّتها وأصبحت معروفة بها.

ومع هذا كله يجب ألاّ نُمرر هذا الحدث دون إخضاعه للدراسة لكي لا يتفاقم ويتحوَّل مع الزمن إلى ظاهرة يصعب حلّها، خاصة في ظل الانفتاح الفضائي الذي لا يُمكن السيطرة عليه وتوافر وسائله في أيدي كافة الشرائح العُمرية من جهة، وضعف الرقابة الأسرية لأبنائها حول ما يشاهدونه في برامجها من محتوى غالبه لا يتفق مع الفئة السِّنيِّة التي تُعتبر مادة خاماً يسْهُل تشكيلها من جهة أخرى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store