Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

إطعام

A A
إن مشتقات (طَعَمَ) التي تأمر بالإطعام، وتحث عليه في كتاب الله العزيز تصل إلى ثماني عشرة مفردة ما بين «إطعام، وأطْعَمَ، وتُطعمون، وأطعموا، وسوى ذلك، سوى كلمة (طعام) نفسها التي وردت ثلاثاً وعشرين مرة، ويدل معظم معانيها في الآيات الكريمة على الحث على الإطعام، وذلك في حد ذاته دليل واضح جلي على فضل الإطعام والمطعمين في الإسلام. ومبدأ آخر حث عليه الإسلام بقوة هو: عدم الإسراف والتبذير، وقد توعّد الله تعالى المسرفين أشد الوعيد، وورد ذلك في اثنتين وعشرين آية، بل إن بعض الآيات تقرن الإسراف بعدم الإيمان بآيات الله، كما قال تعالى: «وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه» طه 123، وذكرت آيات كثر الإسراف في الطعام والشراب خاصة، وحذرت منه أشد التحذير.

«وكلوا واشربوا ولا تسرفوا»، «ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين»، ولا أَوْضَح في التحذير من قول الله تعالى: «وأن المسرفين هم أصحاب النار»، ومن عجب حقاً أنه أمام هذه التحذيرات القرآنية المشددة من الإسراف والتبذير، نجد الإحصائيات الدقيقة تؤكد أن أعلى نسبة لهدر الطعام هي في بلادنا المملكة العربية السعودية، التي يتسم أهلها بالتبذير، أكثر من جميع شعوب الأرض عامة والمسلمين خاصة. وأسرد هنا بعض الأرقام الصادمة المفزعة: ثمانية ملايين وجبة تهدر يومياً في المنازل في السعودية، تسعون في المائة من المنازل في السعودية ترمي الوجبات المتبقية يومياً، سبعون مليون ريال قيمة الطعام المهدر يومياً في المنازل في السعودية. أوردت هذه الإحصائيات الصادمة الجمعية الخيرية للطعام «إطعام» في تقريرها السنوي لعام 2018م، وقد بدأت جمعية إطعام مبادرتها منذ تأسيسها عام 2012م على يد مجموعة من رجال الأعمال المحبين للخير في المنطقة الشرقية بهدف حفظ النعمة والحد من الهدر، وذلك بنقل فكرة بنوك الطعام في دول العالم وتطبيقها في المملكة العربية السعودية بطريقة احترافية تحفظ فيها خصوصية المجتمع والمستفيد. وفي أحد لقاءات ديوانية الأخ الكريم والجار العزيز سعادة المهندس حسين بحري، رئيس مجلس إدارة جمعية الوداد الخيرية، التي يستضيف فيها مطلع كل شهر ميلادي جمعية خيرية، ليُعرّف الناس بأعمالها، ويحثهم على مساندتها مادياً ومعنوياً، وتحديداً يوم السبت الخامس من يناير 2019م الحالي، استضافت ديوانية البحري جمعية إطعام، وقدم القائمون عليها عرضاً وافياً عن نشأتها وفكرتها وأهدافها وإنجازاتها، وكوّن الحاضرون من رجالات المجتمع من القطاعين العام والخاص فكرة وافية عنها، وتداخلوا مع المسؤولين في إطعام بأسئلة ومقترحات ترمي جميعاً إلى تحسين أداء هذه الجمعية المهمة. وتقوم فكرة إطعام في كلمات قليلة على جمع الطعام الزائد من جهات عدة كالفنادق وقاعات المناسبات والمطاعم وترتيبها وتغليفها، وفي بعض الأحيان تبريدها ومن ثم توزيعها على من يحتاجها من فئات المجتمع المختلفة، على أن لا تبقى هذه الوجبات في مستودعات الجمعية لأكثر من أربع ساعات على أبعد تقدير، حفاظاً على جودتها وقيمتها الغذائية كما سمعنا في العرض.

وللجمعية اليوم فروع في كل من الرياض وجدة والشرقية، وقد وصل عدد الوجبات التي وزعتها الجمعية منذ تأسيسها عام 2018م إلى أكثر من عشرة ملايين وجبة، ولها اتفاقيات تعاون وشراكات مجتمعية مع عدد كبير من شركات القطاع الخاص، ولا يقتصر نشاطها على توزيع الوجبات وحفظ النعمة بل لها برامج تثقيفية ومبادرات مشهودة في مناطق المملكة. وتتوافق جميع أعمالها مع أعلى المواصفات العالمية في الجودة والثقة، وهناك طرق عدة للتبرع لهذه الجمعية مثل رسائل SMS، وبرنامج: باقي الهلل، والاستقطاع.

وكما قلت، فقد كان لحضور هذا العرض الرائع مداخلات، منها مداخلتي التي أكدت فيها على ضرورة أن يكون للجمعية إشهار إعلامي للتعريف بها وتنمية مواردها الوقفية والمالية عامة، وهو جانب مهم يغفله معظم الجمعيات الخيرية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store