Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله فراج الشريف

بين حكم الشرع وحكم الهوى

A A
إن رضا العبد بحكم الله وتسليمه له هو أمثل الطرق لأن يحيا المسلم في رحاب الله؛ منذ بلوغه وحتى يلقى ربه، فالله خاطب عباده بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإن تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)، فالآية الكريمة تجعل من طاعة الله وطاعة رسوله طاعتين مستقلتين، لا يتم الإيمان إلا بهما، فمن يُطع الله، لابد له من طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلا يرد حكم أحدهما جاء بنص عنهما، وإلا لما كان مسلماً أصلاً، وحينما يردُّ المسلمون ما يختلفون فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإنما يطيعونهما، فالكتاب قول الله عز وجل، والسنة قول رسوله -عليه الصلاة والسلام- وفعله وإقراره، وهي بيان لقول الله، وتوضيح له، وتفسير وبيان لما أُجمِل منه، وتخصيص ما كان منه عاماً، فإن لم يرد في واقعة عرضت للمسلمين واستجدت نصٌ، فيلجأ حينئذ المسلمون إلى أولي الأمر منهم، وإجماعهم حينئذ هو الهادي إلى الحق. هذا ما اتفق عليه المسلمون منذ عهدهم الأول، وفي عهد خير خلق الله صحابة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وأي مخالفة لهذا خروج ولاشك عن ملة الإسلام، وحكمٌ بغير ما أنزل الله على رسوله المصطفى، إمامنا وحبيبنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل انحراف عن هذا المنهج، فهو بُعدٌ عن منهج الله، لأنهم حينئذ سيحكمون بأهوائهم، وحينما يدعي الناس الانحراف عن شرع الله، فقد فارقوا الدين الحق ولاشك، فربنا عز وجل يقول: (فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)، ويُحذِّرنا ربنا ألا نرضى بغير حكمه فيقول: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، ويؤكد ذلك في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)،

ونحمد الله أن بلادنا حكمت بشرع الله عز وجل، وخدم حُكَّامها شريعته وحافظوا عليها منذ أن وحّدوا هذه البلاد، وحكموها بالعدل والإنصاف ما أمكنهم، حتى تَسمَّى ملوك بلادنا بـ «خادم الحرمين الشريفين»، وهم على ذلك ولاشك باقون وملتزمون، يجاهدون كل تطرفٍ وغلو في هذا الوطن الأغلى بين أوطان المسلمين.

حفظ الله الوطن من كل شر، وجعله موطن الإسلام ما دامت السموات والأرض.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store