Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د.محمد طلال سمسم

الاحتفال بالنجاح... وبالفشل! (2)

A A
لا يكون الاحتفال بالفشل فرحاً وسروراً وإنّما بالتعامل معه بشكل إيجابي وتسخيره كفرصة للتعلّم وزيادة الخبرة والمعرفة للفرد ولمنظومة العمل. والمُهم هو أن لا يُؤثّر الخوف من الفشل على روح المبادرة والطموح وبالتالي يتسبب في إضعاف حركة التقدّم والتطوّر. إنّ الخوف من تبِعات الفشل المتمثلة في نظرة الآخرين أو الخسارة المادية أو لوم الرئيس... إلخ يجعلنا، في أفضل الأحوال، لا نُراوح مكاننا ويشلّ حركة تقدّمنا، وهذا بحد ذاته تقهقر وتأخّر لأن الآخرين لن يمكثوا في أماكنهم ولكنّهم يتقدمون بدورهم، حيث أنّ التغيير السريع في كل شيء هو الصفة البارزة في عالمنا اليوم.

إنّ الخوف من الفشل هو في الحقيقة مِعوَل هدم، ولولا نجاح الرياديّين الأوائل في السيطرة على ذلك الخوف لما جرّب الإنسان التحليق في السماء أو خاض تحدّي الوصول إلى القمر ولما جازف الروّاد بخوض غمار التجربة لتحقيق ابتكارات خلّاقة وغير مألوفة مثل الكهرباء أو الاتصالات اللاسلكية أو الإنترنت أو Google أو Facebook أو Twitter... إلخ.

لقد ساهم المُستكشفون والروّاد بقسطٍ وافرٍ من المعرفة والعلوم التي تكوّنت عبر السنين للوصول إلى الإنجازات التي تحققت في كافة المجالات الإنسانيّة والحضاريّة في الإدارة والتقنية وغيرهما، فهم لم ينقلوا لنا فقط نجاحاتهم بل تعلّمنا من محاولاتهم غير الناجحة أيضاً لنتفادى الوقوع فيها بدورنا.

فكما أنّ الإنسان لم يحقق النجاح التامّ في إطلاق أول صاروخ أو التحليق بأول طائرة، وغير ذلك من الإنجازات الحضاريّة التي تمت من خلال فرق متعددة وبتوظيف معارف وعلوم وخبرات متراكمة على مر السنين في منظومة العمل الحضاريّة الكبرى التي تشمل البشرية جمعاء، كذلك فإنّ أي منظومة عمل سواءً كانت إدارة أو شركة أو وزارة، وحتى على مستوى الفرد، في حاجة إلى استثمار التجارب والمحاولات غير الناجحة لتكوين الرصيد الذاتي من الخبرات والمعارف (لمنظومة العمل وللفرد).

إنّ «الفشل نجاح إذا تعلّمنا منه» كما يقول مالكوم فوربز وهو رائد أعمال أمريكي وناشر مجلة فوربز الشهيرة، فيما يرى الرئيس الأمريكي الراحل جون كنيدي أنّ «من يجرؤون على الفشل الذريع بإمكانهم تحقيق كل ما هو عظيم». إلّا أنّه في كثيرٍ من الأحوال ينطبق علينا قول الأديب مصطفى صادق الرافعي «حين ينجح الإنسان يقول فعلت وفعلت، وحين يفشل يقول القدر ويسكت».

والخلاصة، فإنّه من المهم، لمواكبة التقدّم (للفرد ولمنظومة العمل)، أن نأخذ في الحسبان احتمالات الفشل لتفاديها، ولكن في حال حدوث الفشل فإنّه من الأحرى أن نتعلّم منه ولا نخجل أو نُكابر بإنكار حدوثه.

وكيل وزارة الحج والعمرة

لشؤون نقل الحجاج والمعتمرين

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store