Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

الترفيه والثقافة.. وجودة الحياة 2020

A A
في مقطع انتشر مُؤخَّراً لمستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة «خالد الفيصل» خلال حفل افتتاح سوق عكاظ العام الماضي، يظهر مشاركته الجمهور في ذلك العرس الثقافي احتفاءً بالتراث والتاريخ والأدب، وعلى أنغام تربط الأصالة بالإبداع والكلمات بالأداء المميَّز من فنان العرب محمد عبده، وإذا بالأمير (القدوة الحسنة) يُشارك المحفل احتفاءه وسروره على تلك الأنغام التراثية الأصيلة.. نعم إنها مشاركة الثقافة عيدها، والجمهور بهجته، وفي هذا السلوك الراقي أحسب أن الأمير أراد أن يُرسل رسائل كثيرة:

أولاً: للمتشدِّدين الذين يُحرِّمون ما أحل الله؛ فالترويح عن القلوب ساعة بعد ساعة هو جزء مِن قِيمنَا الإسلامية، فحينما أرادت السيدة عائشة أن تتفرج على الأحباش الذين يرقصون احتفالاً بالعيد، رفعها الرسول وأسندها على حجره حتى تتابع الحدث، ولم ينهَها عن ذلك.. فالإسلام دين الفطرة، فحتى الطفل الصغير نراه يتمايل مع الأنغام والإيقاعات المتسقة. إذن، فهذا النوع من الترفيه مطلب إذا كان متناسباً مع قيمنا الإسلامية.

ثانياً: رسائل مهمة لهيئة الترفيه، وأن ما يحتاجه الجمهور هو التفاعل مع الحدث وتذوقه، وأن يكون جزءاً منه لا متلقياً له، بل أن يكون مرتبطاً بثقافته وهويته، وليس أنغاماً وموسيقى لا يستسيغها، فتصبح نشازاً في أذنه، فحتى سيمفونيات بتهوفن لا تطربه.

وحقيقةً، أحسنت هيئة الترفيه حينما قررت إعادة التراث للفن الكلاسيكي العربي بإعادة أغاني السيدة أم كلثوم في شتاء طنطورة بالهولوجرام؛ فهذا النوع من الغناء يبقى تراثاً خالداً؛ لأنه يقوم على عبقرية الكلمة واللحن والأداء والصوت، وهذه قلَّما تجتمع في أنموذج غنائي حديث.

كما أن تأكيد رئيس هيئة الترفيه «تركي آل الشيخ» مُؤخَّراً في المؤتمر الصحفي: بأننا لن نخالف ديننا وعاداتنا وهويتنا الإسلامية. لهو تطمين لمئات الآلاف من المغردين في تويتر، حينما طرح سؤالاً في بداية تعيينه: «ماذا تريدون من هيئة الترفيه؟»، فقد فتح معاليه آفاقاً جديدة للترفيه بوجود مسابقة دينية خلال شهر رمضان المبارك، كأجمل صوت لرفع الأذان على مستوى العالم، ومسابقة الفاروق في السباحة والرماية وركوب الخيل، ومسابقة رحلة الهجرة، بالإضافة إلى البازارات والمعارض العالمية.. وكل ذلك لهو تغيير جذري في خطة الترفيه، التي لم تعد مقتصرة على الحفلات الغنائية، وإنما تنويع حسب متطلبات الجمهور.

ولكن ما نطمح إليه أن يكون الترفيه في جميع مدن المملكة، وليس مقتصراً على مدينة دون أخرى، وأن يكون في حدود إمكانات المواطن والمقيم، فحتى العروض الكوميدية تصل التذكرة إلى (100 ريال) للشخص! وهذا ما لا تحتمله إمكانات الأسر من ذوي الدخل المحدود.

كذلك نتمنى أن تهتم الهيئة بالتخطيط لإيجاد حدائق للزهور وللحيوانات والأسماك والطيور.. فبالإضافة إلى كونها متنفساً للعائلات وأطفالهم، فإنها تعتبر كنزاً معرفياً خاصاً للطلاب والطالبات.

كما نتمنى أن تتوفَّر الكرنفالات التاريخية المطعمة بالثقافة الإسلامية تجوب المدن مثل: دخول الملك عبدالعزيز للرياض وتأسيسه للدولة، وتفعيل المسرح لعرض تاريخ لشخصيات إسلامية أمثال خالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي.. لتكون قدوة لأبنائنا.. كما أن الشخصيات الكوميدية أمثال جحا وأشعب، وبها الكثير من القصص الرمزية لإحياء جزء مهم من تراثنا وثقافتنا -وهذه تكون بالتعاون مع الهيئة العامة للثقافة- فيُحقق الترفيه جودة الحياة 2020م، من خلال تهيئة البيئة اللازمة لاستحداث خيارات جديدة تُعزِّز مشاركة المواطن والمقيم في الأنشطة الترفيهية والثقافية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store