هطلت على مدينة جدة أمطار متوسطة يوم الاثنين (22 جمادى الأولى 1440هـ الموافق 28/1/2019م)، وعمَّت بنفعها أرجاء المدينة قاطبة، حيث أزالت عن جدة الهالة الكبيرة من الأتربة والمُلوِّثات العالقة التي أضرَّت بصحةِ الإنسان، وكانت كميات هطولها معقولة للغاية، حيث إنها لم تُغرِق الطرقات والشوارع والأنفاق، كما كان يجرى في السابق، ولكن بدون شك كان لها تأثير على حركة المرور وانسيابية الطريق في مختلف أنحاء جدة، التي تنعم الآن بمشاريعٍ متعددة وواعدة على كافة الأصعدة والمستويات.
المطر حالة طبيعية، والذبذبات المناخية تُعاني منها معظم دول العالم، صغيرها وكبيرها، غنيها وفقيرها، خاصةً عندما تكون كميات هطولها تفوق كميات التصريف، وخاصةً إذا كانت مقرونة بارتفاع مناسيب مياهها السطحية، كما هو في جدة، التي تعم معظم أرجاء أحيائها، خاصة الموجودة في شرق الخط السريع، والتي تئن كثيراً من هذه المستنقعات، ولم يوجد لها علاج حتى الآن، رغم اهتمام الأمانة وشركة المياه في وضع مخطط لمعالجة مثل هذه الإشكالات، ولم نر شيئاً حتى الآن.
كتبت في مرَّاتٍ عديدة، عبر هذه الجريدة الغراء، ووضعت بعض الحلول والمقترحات التي ارتأيت أنها ربما تُخفِّف من معاناة تصريف كميات من مياه الأمطار والسيول، ولكن وجدتُ أن هناك عدم جدوى من تلك الكتابات، أو المقترحات التي نطرحها للأمانة للأخذ بها، لمعالجة قضية أصبحت تُؤرِّق الجميع.
الكرة الآن في ملعب الأمانة وشركة المياه الوطنية؛ لوضع تصوُّر كامل لهذه المشكلة، (وهم قادرون على ذلك بإذن الله)، وتقديمه للمسؤولين للتوجيه بوضع دراسة متأنية وعاجلة لفك الاختناقات عن هذه المدينة، وتصريف مياه أمطارها وسيولها بالطريقة الهندسية المناسبة.
لا أتصوَّر أحداً يَحلُّ إشكالياتنا المحلية مثل أبناء المحافظة، والعارفين بمجاريها ومسيرات مياهها، وكيفية الحد من ارتفاع مناسيب مياهها الجوفية، وكما قيل: «أهل مكة أدرى بشعابها»، فلا نطمح أن تُعطَى مثل هذه الدراسات للشركات الاستشارية الأجنبية محدودة المعرفة ببيئة بلادنا.
الموضوع يحتاج إلى سرعةٍ وحزم، وهما متوفِّران في قيادات المنطقة، وكذلك في المسؤولين عن حل إشكاليات تصريف مياه جدة، حتى نضمن بإذن الله انسيابية حركة المياه إلى البحر دون عوائق تُذكر، وأن تبقى جدة فعلاً جميلة، تضاهي الكثير من مدن دول العالم المُتقدِّم.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
