Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

ملياردير بكتيريا!!

A A
من الصعوبة بمكانٍ وزمانٍ أن يُصبِح ذو الدخل المحدود مليونيراً، أو نصف مليونير، أو حتّى رُبْع مليونير، مع نُدرة فُرص الثراء التي تسود العالم، في غمرة التقلّبات الاقتصادية بين قمّةٍ وقاع!.

لكن ما رأيكم إن قُلْت لكم إنّه صار بالإمكان تحقيق ذلك، بل أكثر منه، يعني أن يُصبِح ذو الدخل المحدود مليارديراً، وأن تُناهز ملياراته رقم الـ ١٠٠ مليار!.

لكن بشرطٍ واحد هو أن يُعاني ذو الدخل المحدود من عُسْر الهضم المُزْمِن، وانتفاخات البطن بسبب الغازات المأسورة فيه، وتهيّج القولون الذي يُعكِّر المزاج، ويُرهِق العضلات والأعصاب، ويجلب الاكتئاب!.

والوسيلة لأن يُصبح سعادة ذي الدخل المحدود مليارديراً سهلة، ولا يوجد أسهل منها، وما عليه سوى التوجّه لأقرب صيدلية تجارية، وشراء عبوّة مُكمِّل غذائي فيها كبسولات تكفيه لمُدّة شهر، وتُسمّى عموماً باللغة الإنجليزية «Probiotics»، وتحتوي كلّ كبسولة على عدد من البكتيريا النافعة الذي يتدرّج حسب نوع العبوّة ودولة إنتاجها من ٥ إلى ١٠٠ مليار، وهي تعمل حسب فلسفات الطب البديل توازناً بكتيرياً في البطن، وتقضي على البكتيريا الضارّة التي تغزو البطن عند تناول طعام الأسواق المُلوّث، وما أكثره من طعام، دون رقيب أو حسيب، أو بعد التناول العشوائي للمضادّات الحيوية التي ما زالت تُباع في الصيدليات كما يُباع الشاي في البقالات، فتصير البكتيريا النافعة علاجاً لمثل هذه الحالات المرضية، وبتناولها يمتلك ذو الدخل المحدود شركة كبيرة مُساهِمة أو قابضة داخل بطنه، وتبلغ قيمتها السوقية عشرات المليارات من البكتيريا النافعة!.

ولا تأخذوا كلامي على محمل السُخرية من ذوي الدخل المحدود، فأنا منهم وإليهم، وقد استشْهَدْتُ بكلامي ـ فقط ـ لأبيِّن إمكانية أن يُصبح ذو الدخل المحدود مليارديراً حقيقياً، ومن يُرِدْ تجربة المُكمّل الغذائي فعليه استشارة طبيبه، ولو استاء المرء من محدودية دخله فليعلم أنّ الصحّة أجمل نِعَم الدنيا، وخيرٌ من المال، ورُبّ حبّة بكتيريا نافعة خيرٌ له من ريال أو يورو أو دولار، فالبكتيريا النافعة قد تكون علاجاً يُخلّصه بمشيئة الله من المرض، بينما المال يجلب المرض له، والقناعة بالبكتيريا النافعة كنزٌ لا يفنى، ولو خُيِّرتُ أنا بين أن أكون مليادير مال أو ملياردير بكتيريا نافعة يجعلها الله سبباً لترقية صحّتي لاخترْتُ الثاني بلا أدنى تردّد، وأن آوي لبيتي وأهلي وفراشي مُرْتاح البال، وأنام بِعُمْق وسعادة، والصحّة تاجٌ على رؤوس الأصحّاء الذين يمتلكون مليارات من البكتيريا النافعة، ولا يرى هذا التاج أصحاب المليارات البنكية الذين فقدوا السعادة وأظلّتهم غيوم الشقاء!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store