Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

هل نمتلك مشروعاً ثقافياً؟!

A A
* تعيش بلادنا في طريقها نحو رؤية 2030 تحوُّلات اقتصادية واجتماعية كبيرة ومشهودة، ومن الطبيعي أن يُصاحب هذه التحولات؛ نشاط ثقافي موازٍ على شكل ندوات ثقافية ومعارض للكتاب ومعارض فنية، ومناسبات ترفيهية وفنية مختلفة، وهذا أمرٌ جيد ولاشك، لما فيه من انفتاح على ثقافات العالم، وإظهار لمشهدنا الثقافي المتنوع. لكن الملاحظ أن معظم هذه المناشط والفعاليات تتسم بالفردية البحتة، فلا مشروع ثقافي موحَّد يحكمها، ولا خطة متفق عليها تربط بين الجهات المشرفة عليها، فلكل جهة فِكرها وخططها وفعاليتها الخاصة التي قد تختلف؛ بل وتتضارب أحياناً مع فعاليات الجهات الأخرى، مما قد يضيع الجهود في الوصول للأهداف المرجوة منها.

* من المؤسف؛ أن فكرة الصناعة الثقافية، مازالت فكرة غير واضحة في العقلية العربية، رغم أنَّها تُمثِّل قرابة 40% من دخل دولة ضخمة كالصين، التي تمتلك مشروعاً ثقافياً شاملاً وواضحاً ومتنوعاً، تُشرف عليه النخب الثقافية العليا بالدولة، ويملك من الاتساع والمرونة ما يُمكّن كل الجهات المعنية بالثقافة الصينية من العمل فيه بكل سلاسةٍ ووضوح.

* إن رؤية المملكة 2030 بحاجة لمشروع ثقافي موازٍ وواضح المعالم، يقوم على فكرة التنوع الثقافي الوطني الخلاق، ويُؤمن بالتعددية كإستراتيجية تتقبَّل الآخر، وتضع قِيَم المواطنة والحوار على رأس أولوياتها.. مشروع يهدف إلى نشر الثقافة والوعي الجادين، ويحتضن كل المثقفين السعوديين من أجل رفع وتيرة الإنتاج الثقافي، وسد الفراغ التاريخي الذي كانت تعاني منه الأجيال السابقة، بسبب مفاهيم ضيّقة. كما أن طبيعة المجتمع السعودي المأمول في العام 2030 تتطلب منَّا مشروعاً ثقافياً يتفهَّم الرؤية، ويُنظِّم فتح الأبواب أمام المبدعين للعمل والإنتاج وطرح الأفكار والمشاريع والدراسات والتصورات والمقترحات؛ من أجل صناعة مواطن يتميَّز بوعي ثقافي ومجتمعي، يتواءم مع الرؤية الطموحة لسمو ولي العهد، ولا يقف حجر عثرة في طريقها.

* ولأن أي مشروع ثقافي جاد لابد أن يأخذ في حسبانه شمولية الفعل الثقافي وقدرته على الانتشار الجغرافي، وسعة زواياه الإنسانية كي يتمكن من التأصيل لهويته، والدفاع عن صورة أمته، فإن من أهم متطلبات المشروع الثقافي السعودي المأمول أن يقوم أولاً بتنقية صورة المملكة التي تُعاني من هجماتٍ مُمنهجة من جهاتٍ إعلامية إقليمية وعالمية، لتشويه صورتها الدينية والسياسية والثقافية والمجتمعية، ووصمها بالانغلاق والإرهاب والتخلف، ثم تقديم صورة مشرقة عن الثقافة السعودية بوصفها ثقافة تسامح ومحبة وإبداع وانفتاح، وتقبل للآخر.

* باختصار نحن بحاجة لمشروع ثقافي وإعلامي سعودي ضخم ومتكامل الأركان، يُساير بوعي وثقة خطط رؤية 2030 ويخدمها، وتعمل تحته كل الجهات الثقافية والإعلامية والترفيهية ذات العلاقة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store