Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

الخير بالخير.. والبادئ أكرم

A A
هكذا كان دأب سَدَنةُ مملكة الخير والسلام متناوبًا بخادم الحرمين الشريفين خير خلفٍ لأنبل سلفٍ. ومن وحي الآية الكريمة «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير». وفي ضوء وثيقة الفاتيكان الصادرة في عهد البابا «بولس السادس» في سبعينيَّات القرن الماضي التي جاء فيها: «كلُّ من آمن بعد اليوم بالله خالق السماوات والأرض، ربِّ إبراهيم وموسى، فهو ناجٍ عند الله وداخل في سلامه، وفي مقدَّمتهم المسلمون».

في اتّصال البابا «بولس السادس» بالملك «فيصل» يرحمه الله، أبدى رغبته بفتح حوار للتقارب بين معتنقي الديانتَيْنِ السماويَّتين. وقد كلَّف آنذاك -يرحمه الله- الدكتور «معروف الدواليبي»؛ مستشاره الشخصي التوجُّه إلى الفاتيكان لمقابلة البابا، وللتَّأكُّد من حقيقة الدعوة... إثر ذلك، توجَّه معالي وزير العدل -آنذاك- الشيخ «محمَّد الحركان» على رأس نخبة من كبار العلماء، إلى الفاتيكان، بادئين جولة حوارات أُقيمت في الفاتيكان والمملكة وإسبانيا.

تابع الملك «خالد» يرحمه الله جولة الحوار، فكان اللقاء المسيحي الإسلامي الذي انعقد في قرطبة عام 1977، وشارك فيه عدد من كبار علماء المملكة ومفكِّريها، إلى جانب وفود مماثلة من الدول العربيَّة والإسلاميَّة، أثمر عن تأكيد الكنيسة والحكومة الإسبانيَّة حرِّيَّة الاعتقاد، وتسهيل أداء المسلمين شعائر عقيدتهم. وسار على النهج ذاته خادم الحرمين الشريفين الملك «فهد» يرحمه الله، مستثمرًا صلة الودِّ والصداقة الشخصيَّة التي أقامها حفظه الله وشقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان» -أمدَّ الله في عمره- مع العائلة المالكة في إسبانيا، ومع القيادات السياسية فيها، فشُيِّدت مساجد في معظم المدن الإسبانيَّة.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك «عبدالله» يرحمه الله، ازدادت علاقات المملكة بحاضرة الفاتيكان وثوقًا وتعاونًا بعد الزيارة التي قام بها الملك عبدالله -يرحمه الله- للبابا في روما، وكانت الأولى لملكٍ سعودي لحاضرة الفاتيكان التي مهَّدت في عام 2012 لولادة (مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز) العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات «كايسيد»؛ منظَّمة دوليَّة عملت على إنشائها المملكة وجمهوريَّة النمسا ومملكة إسبانيا إلى جانب الفاتيكان بصفته عضوًا مؤسِّسًا مراقبًا. واختيرت عاصمة النمسا فيينا مقرًّا لها. كان من أُولى اهتماماتها دفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعدِّدة، والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوُّع، وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم والشعوب.

وتستمر جولات الحوار الإسلامي المسيحي.. على نهجٍ استنَّته مملكة الخير والسلام، وأحدثتها زيارة بابا الفاتيكان الحاليَّة لدولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة التي تُؤكِّد سعي الفريقين لإشاعة الودِّ والمحبَّة بتطبيق مبادئ مكارم الأخلاق التي تحفظ للإنسان كرامته وحرِّيَته في معتقده، وتقف سدًّا منيعًا في وجه (تسونامي) التطرُّف والمتاجرة باسم الله، ونشر الفوضى الهدَّامة، وزرع الفتن لزعزعة الأمن والاستقرار في العالم، وعلى الأخصِّ في بلدان العالم العربي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store