Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

تحية إكبار لأهل الاعتبار

الحبر الأصفر

A A
يَتحسَّس بَعض العَرَب مِن مَدح الأَشخَاص؛ الذين يُحسِنُون صُنعاً ويُتقنون فِعلاً، وأَنَا -ولله الحَمد- لَا أَتحسَّس مِن هَذا، فإذَا رَأيتُ مَا يَستَحقُ التَّقدير قَدَّرت، وإذَا رَأيتُ مَا يَستَحق الإعجَاب أُعجَبت..!

ودَعوني هُنَا أُخبِرَكُم؛ بأَحد الذين أُعجَب بمَسارِهم وأَعمَالِهم وأَفعَالِهم -وهم كُثر ولله الحَمد- وأَعنِي بذَلك مَعَالي الدّكتور «محمد العيسى»، -عضو هَيئة كِبَار العُلمَاء، والأَمين العَام لرَابطة العَالَم الإسلَامِي-، وحَتَّى أُبيِّن الدَّليل عَلَى الإعجَاب، سأَذكُر لَكُم قَضيّة مُهمَّة، طَرحهَا مَعاليه، وهي قَضية إحيَاء المُشتَركَات بَين الأَديَان والشّعُوب، لأنَّ النَّاس -فِي العَادَة- تَبحَث عَن الاختلافَات، أَمَّا الشّيخ «العيسى»، فقَد نَادَى بإحيَاء وإذكَاء وتَكثيف المُشتَركَات بَين النَّاس؛ بمُختلف أَديَانهم وأَلوَانهم وجهَاتهم، حَيثُ قَال: (إنَّ الفَجوَة الدِّينيَّة والثَّقَافيَّة لَم يَتم التَّعَامُل مَعهَا؛ فِي كَثيرٍ مِن الأَحيَان والحَالَات؛ بالأسلُوب الصَّحيح، ونَتجَ عَنهَا أَنَّ الشَّرق لَم يَفهم الغَرب؛ الفَهْم الصَّحيح، وكَذلك العَكس، وقَد تَحدَّثتُ فِي إحدَى المُحَاضَرَات؛ بأنَّ هُنَاك عدة رَكَائِز فِي هَذا المَوضُوع هِي:

أوّلاً: الإيمَان بسُنّة الخَالِق فِي الاختِلَافِ والتَّنوُّع، وأَنَّه لَا يَعني الصِّدَام والصِّرَاع والكَرَاهية، بَل عَلَى العَكس تَماماً، فهَذا الإيمَان يُوَلّد وَعياً، وليسَ تَصوُّراً مُجرَّداً، كَمَا أَنَّ التَّفهُّم لَا يَعنِي بالضَّرورَة القَنَاعَة، وقَد قَال القُرآن فِي ذَلك: (لَكُم دِينكم ولِي دِين)، والثَّانِي: أَهميّة التَّعَاون فِي مَنطقة المُشتَركَات الدِّينيَّة والإنسَانيَّة، والتي سَبَق أَنْ أَوضحنَا أَنَّ 10%

مِنهَا -فَقَط- كَافٍ لإحلَال الوِئَام والسَّلَام فِي عَالمنَا، والثَّالِث: أَنَّ البَشريَّة جَرّبت -عَلَى امتدَاد تَاريخها الطَّويل- الصِّرَاع والصِّدَام الدِّيني والحَضَاري والإثنِي، ولَم تَعُد مِن جرّاء ذَلك بطَائلٍ، بَل عَلَى العَكس، عَانَت طَويلاً، وكَان الجَميع خَاسِراً، حَتَّى المُنتَصر الأوَّل، هو فِي النِّهَايَة خَاسِر كصَاحبه. والرَّابِع: أَنَّ الأَخطَاء التَّاريخيَّة؛ يَتحمَّلها أَصحَابهَا، ولَيس غَيرهم، ولَيس في الإسلَام أَحَد مَعصوم، إلَّا نَبي الإسلَام «محمد» -صلَّى الله عَليه وسَلَّم-، وهو لَم يَعْتدِ عَلَى أَحَد مُطلقاً، وإنَّمَا دَافَع عَن رِسَالته؛ مِن الهجُوم والظُّلم والاضطهَاد، ولَم يَفرض دِينه عَلَى أَحد بالقوَّة مُطلَقاً)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقَي؟!

بَقَي القَول: بالله عَليكُم، تَدبَّروا وتَأمَّلوا كَلَام مَعَالي الشّيخ «محمد العيسى»، وحَاولُوا أَنْ تَبحَثوا عَن المُشتَركَات بَينكم وبَين مَن تَختَلِفُون مَعه، حَتَّى تَنطَلقوا مِنهَا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاء، فأَنَا عِندَمَا أَختَلف مَع شَخصٍ فِي كُلِّ أَفكَاره، وأَجده يُشجِّع الاتِّحَاد، فأَنَا أَنطَلق مَعه مِن المُشتَرَك الأَسَاسِي، وهو حُبّ الاتِّحَاد الذي يَربطنا، وهَكَذا تَربطنَا المُشتَركَات رَغم قِلِّتهَا، ويَجب أَن لَا تُفرّقنا الاختلَافَات رَغم كَثرتهَا..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store