Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمود إبراهيم الدوعان

التذبذبات المناخية والتهويل الزائد

A A
كثر الكلام عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول توقُّعات عن ظهور عصر جليدي جديد؛ يظهر في نهاية العام 2019م، بحيث يُغطي الجليد معظم دول أوروبا، وقارة أمريكا الشمالية، وأجزاء واسعة من قارة آسيا، وتبعاً لذلك، سوف ينخفض منسوب سطح البحر، وتجف الكثير من البحيرات لاستحواذ الجليد على معظم مياهها، كما أن لهذا الزحف الجليدي تأثيرات بأن يتزحزح النطاق المناخي لدول أوروبا باتجاه الجنوب، حتى يغطي أجزاء واسعة من الشرق الأوسط، ومنها المملكة العربية السعودية، التي سوف يتغيَّر مناخها إلى ممطر طوال العام، أو لربما يكون الغطاء الجليدي أعمّ وأشمل ليُغطِّي أجزاء كبيرة من المملكة، لتصبح داخل النطاق الجليدي، عوضاً عن النطاق المطير.

وقد اهتم بعض المدّعين لعلم المُناخ؛ بأن ما يحدث الآن من تساقط للثلوج على الدول المجاورة والأجزاء الشمالية من المملكة مع حركة نزول أمطار كثيفة على معظم دول العالم ومنها المملكة وما جاورها من الدول، أدت إلى فيضانات وسيول كارثية ضخمة، فُقدت معها العديد من الأرواح والممتلكات، ما هو إلا مؤشرات لفترة جليدية قادمة.

ولكنْ هناك رأي فريق آخر يستشهد بعكس هذه التوجهات السابقة، ويُبرهن أن حرارة الكرة الأرضية في ارتفاع، وأن بعضاً من الجزر والمناطق الساحلية حول العالم بدأت في الاختفاء، أو سوف تختفي قريباً خلال سنوات قادمة، تبعاً لذوبان الجليديات في المناطق القطبية، وارتفاع منسوب سطح البحر، وقد استشهدوا بالعديد من الجزر في المحيط الهادي وبعض دول العالم الساحلية.

المشكلة أن زعم قدوم الفترة الجليدية بدأ ينتشر، حتى بين طلابنا في المرحلة الابتدائية، وأن المملكة سوف تموت عطشاً، إذا استمر تساقط الثلوج، كما هو حادث الآن، مما قد يؤدي إلى إدخال القلق والخوف في قلوب أبنائنا الصغار، ولذلك يجب علينا أن نُوضِّح للجميع بأن ما ذُكر سابقاً عن (الجليد واستحواذه على المياه) لا يخرج عن حيّز التكهنات، أو السيناريوهات المختلقة التي تُثيرها بعض الشركات الاستشارية الباحثة عن الإثارة والتهويل؛ من أجل أن يتم استقطابها للعمل في دول الخليج، لوضع حلول وعمل دراسات غير منطقية لظواهر طبيعية بالغة التعقيد لا يعلم بحدوثها إلا الله سبحانه وتعالى، وهي أمور بعيدة كل البعد عن هذا التهويل الزائد.

أما توقعات بعض المرجفين بأن الجليد سوف يستحوذ على معظم مياه البحار، (كما حدث في عصور جيولوجية غابرة منذ آلاف السنين)، ليُصبح معها البحر الأحمر بحيرة شبه جافة، وما يترتب على ذلك بأن المملكة سوف تُواجه عطشاً حتمياً لانعدام مصدر المياه الرئيس، فهذا هراء وتهويل يجب ألا يمر علينا بهذه البساطة، ولا نقبله لسذاجته، لأن لدينا مراكز بحثية، وجهات علمية على مستوى راقٍ، وجامعات تعج بالمتخصصين في علوم المياه، سوف يُواجهون هذه الافتراءات، ويضعون حداً لها، والتي تسوق لها بعض الشركات الكبرى لأهدافٍ مادية صرفة، وهي تعلم تماماً أن هذا الأمر بعيد الحدوث في الوقت الراهن، ولو حدث زحف جليدي، ومررنا بفترةٍ جليدية قادمة، فسوف تكون المملكة واقعة في النطاق المطير، أو شبه المطير، وسوف تتحوَّل صحاريها، وأراضيها القاحلة إلى مروج خضراء، ومجارٍ وأنهار، ولن نموت عطشاً بإذن الله، كما يتوقع المتخرِّصون.

يقول الله تبارك وتعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store