Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

باللطف تكسب

A A
مع ما يجري حولنا من أحداثٍ عالمية مختلفة، ومع ما يُعانيه البعض من ضغوطات وظروف صعبة ومآسي، أصبح اللجوء إلى اللطف في التعامل أمر ضروري يساهم في تعزيز إنسانيتنا ونشر الإيجابية والمحبة في حياتنا وإشاعة التقدير والاحترام فيما بيننا، فمهما كانت درجة اللطف التي يقوم بها الفرد، فقد يكون لها أثر كبير هو لا يعلمه، وقد تُحدث فرقاً هائلاً قد لا يدركه.

اللطف هو استعمال الرفق في الكلام والتعامل مع الآخرين، ومنه الابتسامة والتقدير والهدوء والاستماع والتجاوب والتفهم وجميع ذلك من الأساليب التي يمكن للفرد أن يكون لطيفاً من خلالها، كما أن حسن المعاملة من اللطف وهو من أسرار السعادة، فكلما بادلت الآخرين مشاعر الاحترام والتقدير، وعاملتهم بلطف، كلما شعرت بأن حياتك أصبحت أفضل، بل إن ثقتك في نفسك تزداد، وشعورك بالقلق ينقص، وتغلب عليك الطمأنينة والسكون.

باللطف قد تجني الملايين، فقد نشرت إحدى الصحف الأسبوع الماضي أن رجلاً نجح في الفوز بجائزة ياناصيب كبرى قيمتها 877 مليون دولار بعدما تصرَّف بلطف ولباقة تجاه شخص آخر، فقد كان يقف في طابور بأحد المتاجر في ولاية ساوث كارولاينا الأمريكية، وكان هناك رجلاً بعده يرغب في شراء تذكرة الياناصيب، فأعطاه الأسبقية وسمح له بأن يأخذ دوره، ولم يكن يعرف أنه بهذا التصرف البسيط سيفوز بتلك الجائزة، وقال البيان الصادر عن لجنة اليانصيب بأن الفائز «لو لم يقم بذلك التصرف اللطيف، لاستفاد الرجل الذي كان سيأتي بعده من قيمة الجائزة».

البعض يعتقد أن التلطف لا يليق به، إذ فيه دلالة على الضعف والخنوع، فتجده يتعامل مع الآخرين وكأنه وحش كاسر يفتخر بهمجيته وقسوته وحدّته، معتقداً بأن مثل هذا الأسلوب سيُساهم في زيادة هيبته وتعزيز مكانته، سواء مع أسرته أو في مجتمعه، ولكن نفس ذلك الشخص ما إن يلتقي مع أصحاب المناصب الإدارية العليا أو أصحاب الأموال، إلا وتظهر عليه فجأة سمات التلطف، ويصبح سهلاً وديعاً لطيفاً، وكأنه شخص آخر مختلف.

باللطف والتلطف قد تكسب ما هو أثمن وأهم من الأموال، وهي قلوب الآخرين ومحبتهم، خصوصاً في الإطار الأسري، بل وفي إطارالمجتمع بشكلٍ عام، وقد حثَّنا الباري -عز وجل- على التلطف وذلك في سورة الكهف قائلا: (وليتلطَّف) أي ليكون الإنسان ذا لطف وأدب ومستوى راق في التعامل، فالدعوة للتلطف يجب أن تكون منهج حياة دائم وشامل في كل زمان ومكان، خصوصاً مع انتشار الغمز واللمز والاستهزاء والتملُّق والسخرية والخلافات فيما بيننا، حتى على أتفه الأسباب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store