Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

تدابير الوقاية من التحرش!

A A
رغم أن يوم، 8 مارس، يمثل وقفة جادة من الدول والمؤسسات والمجتمعات لمعرفة حجم الإنجازات التي تحققت للمرأة ومعرفة تلك المعوقات والمشكلات التي تعيقها وتؤثر عليها سلباً سواء في الأسرة أو المجتمع أو بيئة العمل أو قصور في الأنظمة والتشريعات لتصحيحها ورفع العناء عن المرأة، إلا أن هذا اليوم تحول إلى مظاهر احتفالية وعبارات التهنئة والتبريكات وكأن المرأة في العالم وفي عالمنا العربي لم تبقَ لها حقوق ولم توجد لديها مشكلات تستحق النظر والتوقف لمساعدة النساء في حلها أو دعم توجهات الدولة الرامية لتمكين المرأة!.

لا أنكر أننا كسعوديات قفزنا قفزات عالية في استعادة الحقوق، وحق القيادة والمناصب العليا، ويحق لنا الاحتفال بهذا اليوم وبكل الأيام القادمة، كما أن قانون التحرش من وجهة نظري انتصار لحقوق المرأة لأنه يحمي حقها في المشاركة في الحياة العامة والعمل والسفر وقيادة السيارة والحركة في كل اتجاه، لكن تظل هناك مناطق مظلمة ومسارب سرية يمكن أن تباغت النساء خصوصاً في العمل فيقعن فريسة سهلة في قبضة متحرش أو مغتصب مستغلاً منصبه أو تفوقه البدني أو مكانته ووضع المرأة في مجتمع لازال يحمِّل المرأة كل مصيبة تقع عليها، فتنحاز إلى الرضوخ ثم الصمت خوفاً وخجلاً، وهو سلوك تجبر عليه المرأة في كل العالم كي لا تفضح، كيف إذن في مجتمعاتنا العربية، التي تتهم المرأة في كل ما يصيبها، حتى عندما يتزوج عليها زوجها فهي أهملته أو قصَّرت في حقوقه، لذلك يعذر في اتخاذه زوجة عليها بعلمها أو بدون علمها ، كذلك إذا وقعت ضحية تحرش لفظي أو جسدي، فهي الضالة المضلة لذلك لا تستطيع البوح وتظل تعاني من وطأة الواقعة في أحسن الأحوال، والمصيبة إذا استمرأ المتحرش صمتها وتمادى أكثر في إذلالها وإخضاعها لشهواته ورغباته الحيوانية.

لذلك لابد من تنظيمات وتشريعات داخلية لحماية المرأة بحيث تكبح جماح الحيوان في بعض الذكور، كما فعل وزير الإعلام تركي الشبانة حسب الخبر المنشور في جريدة المدينة الجمعة 8 مارس 2019م/ 1 رجب 1440هـ، حيث اعتمد معاليه لائحة التدابير الوقائية لحماية العاملات في وزارة الإعلام والقطاعات التابعة لها من جريمة التحرش بما ينسجم مع المرسوم الملكي الصادر برقم (م/ 96) وتاريخ 16/9/1439هـ، المصادق على قرار مجلس الوزراء رقم (488) وتاريخ 14/9/1439هـ، بشأن الموافقة على نظام مكافحة جريمة التحرش.

خبر متوافق مع يوم المرأة العالمي تماماً ويشير إلى وعي الوزير بهذه الإشكالية التي ربما لمسها خلال عمله الطويل في الإعلام، لكنه اليوم من موقع مسؤوليته يتخذ تدابير الوقاية من أكبر وأعنف خطر تواجهه المرأة العاملة في كل مجال، ليس فقط في مجال الاختلاط بل حتى من وراء ستار، فالتحرش له مظاهر كثيرة، أحياناً تجرح المرأة كلمة حتى لو على سبيل الإطراء، لذلك لابد من التزام الجميع بمعايير الحشمة والاحترام، حتى المزاح والهذر يجب ألا يجد له مكاناً في بيئات العمل المختلطة، كذلك احترام وجود المرأة يحتم على العاملين معها استخدام لغة راقية وألفاظ مهذبة، وعدم استخدام الإشارات والهمز واللمز كي لا تشعر بالإحراج بل لا بد أن تكون هناك مسافة تحدد العلاقة بين العاملين والعاملات في القطاعات المختلفة.

أعجبني إجراء معالي الوزير الشبانة لأنه تعامل مع يوم المرأة تعاملاً واعياً، لم يجمع النساء ويحتفل ويتصور معهن كما فعل بعض المسؤولين للأسف، وكأن هذا هو ما يتطلبه يوم 8 مارس، التعاطي مع هذه المناسبات بوعي ومهنية يظهر مدى وعي المسؤول بدوره في تدعيم قرارات الدولة وحماية الحقوق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store