Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

نحن أبرياء من داعش البيضاء.. والسوداء أيضاً!

A A
حتى لا ننسى ولحين توقف المتنطعين، وتحذلق المتحذلقين، وتصافق المتصافقين من العرب والمسلمين وليس من الاستراليين أو الأوروبيين، بشأن ما حدث للركع السجود في نيوزيلاندا أقول: بحثت عن المُتنطِّع في اللغة فوجدته الطائش، المغرور.. وتنطّع الشّخص في الأمر، غالى فيه وتكلَّف، ومنها ما تنطَّع في عملِه، وفي كلامه! ثم بحثت عن المتحذلقَ في اللغة فوجدته مَنْ يُولي اهتمامًا زائدًا لتعلُّم الكتب والقواعد الرَّسميّة، وغالبًا ما يكون هذا الاهتمام للتباهي! قلت هذا أهون كثيرا، فلما عرجت الى المتصافق وجدت صفُقَ يَصفُق، صَفاقةً، فهو صَفِيق، وصفُق وجهُهُ كان وقحًا.. ويقال أعوذ بالله من صفاقة الوجه! والحاصل أنه شيئاً فشيئاً، سيواصل هؤلاء الثلاثة مهمتهم في الطرح والتفسير والشرح، لنكتشف في النهاية أن المصلين الضحايا هم السبب وأن المسلمين هم السبب، وبالجملة أن السلام هو السبب!، فإن تجرأتَ وقلتَ: عيب!، أحالوك لداعش!

والثابت كذلك أن الساحة امتلأت بهؤلاء منذ فترة، مستغلين ما فعله ويفعله داعش، في الضرب تحت الحزام تارة في المسلمين كأمة، وأخرى في الإسلام كدين!، وفي ذلك يتنافس المتنطعون والمتحذلقون والمتصافقون الذين كشفوا ويكشفون عن وجوههم كل يوم!.

في مقال مثير في صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف كاتب أمريكي الجماعات التي تدافع عن تفوق العرق الأبيض بـ»داعش البيضاء»، قائلاً إنها لا تقل تطرفاً عن التنظيم الإرهابي الذي تورط في فظاعات خطيرة بالشرق الأوسط واعتداءات دامية في مختلف بلدان العالم.

ويرى الكاتب أنه لا وجود لأي منطقة رمادية بين الفئتين المتطرفتين، لكن الإعلام الأمريكي ينتهج سياسة الكيل بمكيالين، حسب قوله، فحين يكون المهاجم مسلماً يحظى الاعتداء بتغطية إعلامية أكثر بواقع سبع مرات مقارنة بما يجري في حالة المعتدي الأبيض.

وقبل التعليق على ما ذكره الكاتب الأمريكي، يهمني الإشارة الى أن الكيل بمكيالين لم يعد قاصراً على الأمريكيين والأوروبيين فبيننا -معشر المسلمين- الآن من يكيل في مثل هذه الجرائم البشعة بمكيالين يجوران تماماً على الإسلام والمسلمين، وبيننا الآن في هذه اللحظة من لا يزال يبرر، ومن لايزال يؤكد أن المسلمين هم السبب، وأن التراث الاسلامي حافل بالدم!، بيننا في مثل هذه اللحظة الحزينة، من يتردد في الإدانة بقوة، ومن يعلنها رياء، ومن يكتمها حتى لا تسجل عليه في مشواره التاريخي نحو مزيد من التشويه والتجريح!.

وأعود الى مقال الكاتب الأمريكي، فأقول إن المسلمين أبرياء من صنع داعش الأسود، فقد بات من الثابت أنه صناعة معادية للإسلام كدين وللمسلمين كأمة!، هذه واحدة، والأخرى أن ضحايا داعش في الأغلب الأعم وباستثناءات طفيفة هم من المسلمين! من دعشش لنا أفغانستان؟ ومن دعششها في العراق وفي سوريا وفي ليبيا؟ ومن يتمناها الآن في مصر والسودان وتونس والجزائر؟!.

قال الكاتب إنه يضع من يؤمن بتفوق العرق الأبيض مع إرهابيي داعش في سلة واحدة، لأنهما يتشابهان في ظروف النشأة والمسار والأساليب والتطرف، وأن متطرفي داعش وتفوق العرق الأبيض، يتقاطعان في نقطة واحدة، حين يستغلون الأشخاص المضطربين والغاضبين، فيقومون باصطياد الضحايا على الإنترنت، من خلال إيدلوجيا تجعلهم يشعرون بأنهم أصحاب أهداف سامية. وقلت كلاهما بالفعل واضح ومعروف، لكن الكارثة عندنا وبيننا، فيمن يتولون الآن الترويج لمسؤولية الاسلام والمسلمين، عما حدث للمصلين!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store