Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

المملكة واليابان أنموذجان

A A
مع تزايد عدد سكَّان كوكب الأرض، وما صاحبه مُؤخَّراً من احتباسٍ حراري، نجم عنه التصحُّر، وتناقص المساحات الخضراء المنتجة لسلال الطعام، في العديد من بلدان العالم، تجهد الجماعات والحكومات والمنظمات الدوليَّة لإيلاء الأمن الغذائي ما تستطيع من عنايةٍ واهتمام، لتأمين وجبة الطعام بسهولةٍ ويسر لسكَّان العالم قاطبة، وبتكلفة معقولة. وتنفرد البلدان التي تقل مواردها الطبيعية بسبب طبيعة أراضيها، كما هو حالنا في المملكة العربيَّة السعوديَّة، حيث تغطِّي الرمال والجبال معظم مساحتها، وكذلك اليابان التي تُغطّي الصخور والجبال معظم يابستها. فكلانا في سباق مع الزمن، لتلبية احتياجات مواطنينا من سلَّة الطعام. وتبدو الحاجة ملحَّة علينا في المملكة، للتوسُّع في الاستثمار في الدول التي أفاء الله عليها بالمياه والأراضي الخصبة، منتجة الخضروات والفواكه، والمواشي والأبقار، بتكلفة يستطيع تحمُّلها المستهلك في المملكة، وتعود بالفائدة على البلد المنتج من حيث تشغيل الأيادي العاملة وزيادة الدخل. فالسودان القريبة من موانئنا وتبذل الجهود الإقليميَّة والدوليَّة لتوفير أمنها الغذائي بإدخال أحدث تقنيات الزراعة، يمكن أن يتمَّ تعاون مشترك معها في المجال الزراعي.

والحال ذاته مع اليابان التي يقطنها نحو 120 مليون نسمة، يتوزَّعون على أربعة جزر رئيسة، لا تتعدَّى مساحتها مجتمعة سدس أراضي المملكة، 70 في المئة منها مناطق جبليَّة، عُرضةً للزلازل والبراكين طوال العام. وكمملكتنا تستورد النسبة العظمى من احتياجات شعبها الغذائيَّة من مصادر خارجيَّة. ظلَّت تلك الاحتياجات غير مستقرَّة، وعُرضةً لتقلَّبات الأسواق العالميَّة إلى أن اعتمدت حكومتها بالتعاون مع قطاع الأعمال تطوير تقنيات زراعيَّة لرفع إنتاجية الهكتار الواحد عشرة أضعاف مثيله في الخارج. تمَّ ذلك إضافةً إلى دعم الصناعات الغذائيَّة المحليَّة، وتحفيز الشركات على الاستثمار؛ في تطوير مشاريع زراعيَّة حول العالم، مُحقِّقة ثبات الإمدادات والأسعار.

في الوقت ذاته، لم تغفل المملكة واليابان، بما تُحقِّقه من وفرة في الدخل، مدَّ يد العون والمساعدة للبلدان التي تعاني من نقص الموارد الماليَّة والتموينيَّة. ووفق إحصاءات دوليَّة، كانت مملكتنا ضمن قائمة أكبر عشر دول عالميًّا في تقديم الدعم والمساندة للمجتمعات والدول المحتاجة. وقدَّمت ما نسبته 1.9 من المئة من إجمالي ناتج دخلها الوطني. وبهذا تُعدُّ المملكة من أكثر دول العالم تقديمًا للمساعدات، في حين لا تتجاوز النسبة التي حدَّدتها الأمم المتحدة الـ0.7 من المئة. في الوقت ذاته، قاربت المساعدات اليابانيَّة للدول المحتاجة نسبة 0.22 من المئة من ناتج اليابان القومي، وخُصِّص معظمها لبرامج مكافحة الأزمات والبرامج الصحيَّة حول العالم.

وكم سيكون مفيدًا إذا تضافرت جهود بلدينا؛ المملكة واليابان، في سياسات الأمن الغذائي، وتقنيات الزراعة الحديثة المساعدة على إنتاج أضعاف مضاعفة من المحاصيل الغذائيَّة، لتغطِّي نسبة عالية من احتياجات السوق، والتنسيق معًا في المساعدات، واستثمارات موارد الغذاء من الدول الخصبة في العديد من بلدان العالم، لسدِّ العجز في الموارد وتحقيق الأمن الغذائي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store