Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عائشة عباس نتو

جائزة الملك فيصل.. خلود العطاء

A A
هذا الأسبوع غيرت الرياح مسارها بما تشتهي النفس، عبر زيارة إلى عاصمة الخير (الرياض)، لحضور الاحتفال السنوي لجائزة الملك فيصل.

واحد وأربعون عامًا انقضت، وأبناء الملك فيصل يسعون في ملكوت الثقافة والمعرفة والتنوير. شتلة زرعها أبناؤه رحمه الله، وحرصوا، حفظهم الله، على توفير الدعم والاستمرار، بل والتميُّز لهذه الجائزة، لتشب وتطول وتلامس سحاب المستقبل.

كان التكريم والعطاء لكوكبةٍ من العلماء في مساء مدينة الرياض. حينها اكتشفت شيئاً مثيراً، وهو أنني لا أتذكَّر إلا ما يستحق تذكُّره في حياتي. مواقف معينة، أشخاص معينون، لكن مثل هذا الموقف سأسرده لكم كما تخللني.

أحد المكرَّمين، وهو البرفيسور ألن جوزيف بارد، الأمريكي الجنسية، عمره 86 عاماً، منشغل بأبحاثه في مجال الكيمياء الكهربائية، أنجز ألف بحث و8 كتب، كلها في خدمة البشرية. قابلته في مطعم الإفطار، فما لقيت فيه إلا الطيبة والبساطة والمحبة والتسامح.

وقف البرفيسور التسعينى في الحفل وألقى كلمته دون تكلف. نبعت حروفه من القلب شكر فيها كل مَن سانده في حياته. وكان في حديثه يُشعرك بحميمية لا تضاهى، متواضع، لكن يمنحك علمه ثراءً روحياً، حتى لو كنت تملك كنوز الأرض. تحدَّث كملاك حارس للعلم.

شعور لا أستطيع وصفه احتلني، ليس هناك كلمات كافية في المعجم لشرح إحساسي في هذه اللحظة، هناك أشياء تلمس الروح في حضرة كوكبة العلماء المكرمين، تشعر بأن هناك أملاً للعطاء في هذه الحياة، ونحن نتابع العلماء من أرجاء الأرض.

في هذه اللحظات يمكنك تصفية ذهنك من دون أي مساعدات خارجية. أُغادر حفل الجائزة وأنا أقرأ كف يد الحياة. قد أكتب أحياناً عن أشياء تبدو صغيرة، يُصادفها أي إنسان في حياته، وهي في رأي الكثيرين لا تستحق كل هذا التوقف، وأنا أتفق معهم، لكن ليس من أصابه مرض التفاصيل وحب الأمكنة والبشر مثلي. ففي كل تكريم لعلماء جائزة الملك فيصل أُعيد المرة تلو الأخرى قراءة سيرة علمائها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store