Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عاصم حمدان

جائزة الملك فيصل العالمية والموقف الحاضر لرئيسة وزراء نيوزيلندا

رؤية فكرية

A A
قام زميلنا الكريم الاستشاري المعروف والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية الأستاذ الدكتور محمّد سالم سرور الصبّان بتوجيه اقتراح إلى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية، رعاه الله، بأن تمنح هذه الجائزة، التي تحمل اسم واحد من أبرز رجالات السياسة والمعرفة في عصره، الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، لشخصية غربية كان لها موقف صادق ومميز وعميق في دلالته الحضارية والدينية والاجتماعية والسياسية، ونعني به؛ رئيسة وزراء نيوزيلندا «جاسيندا أردرن»

، التي جسدت تعاطفًا وموقفًا إنسانيًا نبيلاً من الحادثة الإرهابية التي استهدفت المصلين في مسجدين من مساجد نيوزيلندا. منذ اللحظة الأولى قامت هذه السيدة الكريمة بتسمية ذلك الحادث الشنيع بأنه إرهابي، في الوقت الذي تأخّر فيه البعض عن ذكر هذه الصفة التي لا دين لها ولا هوية، وقد توجد في جميع بقاع الأرض بلا استثناء، كما زادت على ذلك بالاعتراف بخطأ السماح بحمل السلاح اليدوي، داعية إلى ضرورة استصدار تشريع جديد يمنع مثل هذا الإرهابي من الحصول على السلاح وتوجيهه إلى صدور الأبرياء من الناس. وقد رأينا على شاشات القنوات الفضائية كيف كانت هذه الشخصية تشارك المسلمين صلاتهم ودعاءهم وتسكب الدموع مثلهم، ولم تغب عنهم طوال مدة حزن أفراد الجالية الإسلامية على شهدائهم، بما كان له عميق الأثر في تطييب النفوس، وحسن العزاء بالمنكوبين.

وأزعم شخصيًا أنني على مدى نصف قرن من الزمن لم أشاهد شخصية سياسية غربية تتعاطف مع المسلمين وأحوالهم بمثل ما فعلت رئيسة وزراء نيوزيلندا، ونضيف شيئًا مهمًا وهو أنه في الوقت الذي يحوز فيه اليمين المتطرف في الغرب وسواه على الدعم المادي والمعنوي؛ لذلك فإن اللحظة الراهنة تستدعي الاهتمام بالشخصيات الإنسانية الغربية التي تقف مثل هذه المواقف المشرفة. وكنت قد ذكرت في مقالة سابقة سلوكيات إحدى الشخصيات التي تنحدر من أصول يهودية ولكنه كان أكثر الناس اهتمامًا ورعاية ودعمًا للقضية الفلسطينية؛ بل كان من أوائل السياسيين الذين قابلوا الرئيس الراحل، ياسر عرفات، في مقر إقامته بتونس، وعندما استحلّ الإرهابي أرييل شارون أرض بيت لحم، وقف هذا السياسي المعروف بعمق ثقافته وتأثير خطاباته في مجلس العموم البريطاني -وهو يرفع صوته في وجه اللوبي الصهيوني- قائلاً: لقد دنّس شارون نجمة داوود.. ورحل كوفمان دون أن نلتفت إلى مساهماته الرائعة وغير المسبوقة حيال القضايا العربية والإسلامية..

أجد نفسي مناصرًا لمقترح أخي وزميلي الدكتور الصبّان، في إرجاع الأمر إلى سمو الأمير خالد الفيصل، مع موفور الثقة في حسن تقدير سموه، فهو الأديب المثقف، والشاعر المفوّه، والمفكّر العميق، والسياسي المحنك، وصاحب المبادرات الخلاقة التي يتعدى نفعها المحيط المحلي والإقليمي إلى المستوى العالمي، ولا شك عندي أن موقف هذه السيدة الكريمة رئيسة وزراء نيوزيلندا له وقعه في نفس سموه العارفة بأقدار أصحاب المواقف المشرفة، ممن يستحقون التقدير والعرفان، ورد الجميل بمثل هذه الجائزة، جائزة الملك فيصل العالمية، التي أصبحت رقمًا صعبًا في عالم التقدير والحفاوة بالعلماء في كل العالم، ويكفي هذه الجائزة فخرًا أن العديد ممن فازوا بها، عرفوا من بعد الطريق إلى الفوز بجائزة نوبل، فكانت صاحبة السبق قبلها، ومنيرة الطريق إليها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store