Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

سبَّاكة سعودية!!

A A
• بيئات العمل الفقيرة جدًا في بعض -حتى لا أقول معظم- وظائف القطاع الخاص،هي إحدى أكبر منفّرات الشباب من الإقبال على هذا القطاع.. طبعًا بعد الرواتب المتدنية، وبعد ساعات العمل الطويلة.. فمعظم هذه البيئات لا تراعي أدنى المتطلبات والحاجات الإنسانية للموظف أو العامل، مما جعل منها -كما قلنا- عقبة كبرى في طريق توطين الوظائف وسعودتها. واذا كان الكثير من شبابنا الباحثين عن عمل أصبحوا يرفضون مثل هذه البيئات التي لا يحترم بعضها أدنى درجات آدميتهم، فإن العجيب واللافت هو دفع وزارة العمل الموقرة -هدانا الله وإياها إلى سواء السبيل- لآلاف الفتيات للعمل في بعض هذه الأعمال ذات البيئات السيئة والرواتب الضعيفة والأوقات الطويلة بدلًا عنهم وعلى سبيل التعويض، وكأن المهم لديها هو الأرقام.. ولاشيء غير الأرقام!

• تقول الوزارة في بيان لها الأسبوع الماضي: إنها ضبطت خلال الربع الأول من العام الجاري (2019م)، نحو 23 ألف مخالفة لنظام العمل ولوائحه التنفيذية، معظم هذه المخالفات يتركَّز حول مخالفات لدليل تنظيم بيئة عمل المرأة!.. وبعيدًا عن الدخول في متاهات تفاصيل هذه المخالفات، فإن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو: لماذا كل هذا العدد الكبير من المخالفات في ثلاثة أشهر فقط؟!.. ومن دفع بأطراف العمل (صاحب العمل/ الموظف) إلى ارتكاب كل هذه المخالفات.. أليست هي أنظمة الوزارة نفسها التي تنظر إلى الكم وتغض الطرف عن الكيف؟!.

• بالتأكيد لسنا ضد تمكين المرأة، ولا ضد عملها في بيئات عمل تحترمها وتقدرها، لكننا بلاشك ضد استغلال حاجتها للعمل، واستغلال نسب البطالة المرتفعة في صفوف الفتيات للضغط عليهن والدفع بهم في أعمال غير لائقة، مثل السباكة وقطع الغيار والسجاد وغيرها من المهن التي لم يسبقهن إليها أحد من نساء جزيرة العرب، وفي بيئات وظروف عمل سيئة لم يقبل بها الرجال.. أعرف أن هناك مَن لا يملكن مؤهلات تعليمية عليا، وأدرك وأتفهم أيضًا حاجة البعض منهن للعمل، لكن كلنا (عيال قريّة) وكلنا يعرف أن بالإمكان أفضل بكثير مما كان، وأن الأمر ليس بهذا الضيق.

• نحن أيها السادة مجتمع مسلم، عربي، تُشكِّل فيه المرأة رمزًا عاليًا ومشرفًا، ومن الواجب بل ومن النخوة أيضًا ألا تكون الفرص الوظيفية وسيلة ضغط على المرأة وكرامتها، بمبدأ هذا هو الموجود وعليكِ التأقلم.. لذا وإلى أن يتم إيجاد بيئة عمل محترمة وخالية من المخالفات في القطاع الخاص، فإن من المهم عدم القفز على المراحل، فهناك الكثير من الأعمال والوظائف وبيئات الأعمال التي يمكن التعامل معها في الوقت الحاضر.. بعيدًا عن مواسير السباكة، وبناشر السيارات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store