Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

السودان.. والثورة على الفساد والاستبداد!

A A
لا ننكر، أن بعض ثورات، ما عُرف بـ»الربيع العربي» يمكن أن تُدرَج تحت بند المؤامرة، كي يستمر تدهور الأوضاع في العالم العربي، وإضعافه عسكرياً واقتصادياً، اجتماعياً وعلمياً، لتهنأ الطفلة غير الشرعية للغرب «إسرائيل» بالسلام، وهي تشاهد أعداءها «العرب» يقتتلون، ودولهم تتساقط كقطع الدومينو واحدة تلو الأخرى، لكن بعض تلك الثورات جاءت عن معاناة حقيقية عاشتها بعض الشعوب سنوات طويلة على أمل: «اصبر على جار السوء يا يرحل، يا تجي مصيبة تشيله»، لكن السنون تمضي، وجار السوء متشبِّث بموقعهِ، ويزداد الوضع تردياً بين الفساد والاستبداد.

أيضاً، هناك حُمَاة للفساد والاستبداد، هم رموز النظام وكل مَن حوله، لأنهم يتمتعون بكافة المزايا التي هي حق للشعب بكافة فئاته، أي أنهم فئة المستفيدين! ولأن الاستبداد ابن الفساد أو العكس، لا أحد يعلم تاريخهم ولا شهادة ميلادهم ليعرف من هو الأب ومن الابن، لكنهما -الفساد والاستبداد- هما الدوافع الحقيقية والأسباب المنطقية التي دفعت بشعوب تلك الدول للتظاهر، ومواجهة الأخطار، لأنها بلغت من اليأس والإحباط مبلغاً لم يعد فيه للصبر والحكمة منفذاً، وهذا ينطبق على الثورة السودانية التي حققت نجاحاً يُؤكِّد أن لكل ليل آخر، وأن الفجر آتٍ لا محالة، لكن كل شيء بمقدار، أي كل شيء مُقدَّر من رب العالمين في حينه وأوانه.

انتفض الشعب السوداني أخيراً بعد طول عذاب، فقد كانوا يُشاهدون خيراتهم تذهب إلى الرئيس وحرمه وإخوته وفصيلته التي تؤويه، بينما يعاني السودان من الفقر وتردي الأوضاع وسوء المعيشة، رغم الخيرات التي يتمتع بها السودان، ورغم تميُّز أبنائه.

الرئيس السوداني المعزول، وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري على الحكومة المنتخبة برئاسة الصادق المهدي، حيث تولَّى البشير رئاسة مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني 30 يونيو 1989م، وجمع بين منصبي رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية حتى 2017م، ثم تم فصل المنصبين بناءً على توصيات الحوار الوطني السوداني، وفي 11 إبريل 2019م، تمت إزاحة البشير من قبل الجيش، وبدأت مرحلة كشف المستور والمسكوت عنه، فبدأت تظهر الأسرار أو تلك المعلومات التي ربما كان يعرفها الشعب السوداني، لكنه لم يكن يجرؤ على التطرق لها أو الحديث عنها سراً أو جهراً، لكن لا أحد ربما كان يتخيل أن يصل الاستبداد والتشبُّث بالكرسي حد التضحية بأرواح الشعب حتى نصفه، ليبقى رجل واحد وأسرته والمنتفعين حوله، وربما أيضاً لم يكن أحد يتصور أن يحتوي منزل الرئيس السوداني المخلوع على تلك الكميات الكبيرة من النقد الأجنبي والعملة المحلية، والتي بلغت أكثر من 6 ملايين يورو و351 ألف دولار، و5 ملايين جنيه إسترليني، حسب ما ذكرت صحيفة الرأي العام السوداني.

الزوجة الثانية للبشير وداد بابكر، التي حملت لقب السيدة الأولى، كانت زوجة لأحد العسكريين الذي قضى نحبه في حادث طائرة عسكرية عام 2001م، تزوَّجها البشير ولديها خمسة أولاد من زوجها الأول، ولم تنجب من البشير، لكنها استطاعت أن تُمكِّن نفسها علمياً واقتصادياً وسياسياً، بأموال الشعب السوداني، الذي يستجدى العمل في كل بقاع الأرض، هرباً من الفقر والبطالة ومن الحياة الصعبة ولقمة العيش العزيزة، التي تجبر الشعوب على الهجرة طلباً للرزق، لكنه الاستبداد الذي يتيح للفساد النمو والتوغل، لأنه يشيع ثقافة الخوف ومن ثم الصمت، ليُمارس الفساد مهمته الدنيئة في ابتلاع خيرات شعب بأكمله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store