البعض يزعمون أنّ لوزير خارجية إيران، محمّد جواد ظريف، نصيباً قليلاً من الظرافة التي تتوفّر في لقبه، لكنّهم لم يعلموا أنّه راسب في التاريخ بامتياز، أو (صاقِط) باللهجة الحجازية العامية، ولو حُرِّرت له شهادة دراسية في مادّة التاريخ التي تُدرّس في المرحلة الابتدائية لَرُسِمَت دائرة حمراء حول علامتها، تجعله يُعيد المذاكرة ويخضع لاختبار الدور الثاني، لعلّه ينجح ولو بتقدير مقبول!.
لقد قال هذا الظريف المُستظرِف، أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سيفشل إذا اعتدى على إيران كما فشل الإسكندر المقدوني الأكبر، وفي قوله الكثير من عدم الدقّة، بل الكذب الصريح والتزييف الصارخ لصفحات التاريخ!.
فالاسكندر انطلق عام ٣٣٥ قبل الميلاد في حملة عسكرية ضخمة ضدّ بلاد فارس، ودَحَرَ الفُرْس وأخرجهم من آسيا الصُغْرى، وانتزع ممتلكاتهم الواحدة تِلْو الأخرى في سلسلة من الحملات المتتابعة، وكسر أنف الجيش الفارسي، وداسه بالسيف والحذاء في معارك شهيرة أبرزها معركتا إسوس وكوكميلا، وأطاح بالإمبراطور الفارسي داريوش الثالث، وامتدّ مُلْك الإسكندر شرقاً إلى ما وراء وأبعد من فارس، ولولا تراجع المقدونيين بعد ذلك وتشتتّهم في آسيا لما بقيت بقية لفارس!.
وحتّى على فرض أنّ الإسكندر لم يستطع إنهاء الإمبراطورية الفارسية، فإنّ عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، قد أنهاها على الوجه الأتمّ، وأطاح بعرش كسرى، وألبس الصحابي سُراقة بن مالك قميصه وتاجه وسواريْه، كما تنبّأ به الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو الصادق المصدوق، وسحق الإمبراطورية الفارسية التي يسعى المُلالي لاستعادتها حالياً، لكن من وراء جدار، ظاهره الإسلام، ومن باطنه معاداة العرب وطموح الاستيلاء على الحرمين الشريفين بادّعاء مناصرة أهل البيت، وجحدوا جميل الصحابة الذين كانوا بفتح فارس هم السبب في دخول أجدادهم للإسلام، هذا إن كانوا حقاً من المُسلمين!.
والدرس الذي ينبغي استنباطه من قول ظريف، وتدوينه في التاريخ، هو أنّ الفُرْس لم ينسوا ما فعله بهم الإسكندر وهو بعيد في الزمن، فكيف ينسون ما فعله بهم عمر بن الخطّاب وهو قريب في الزمن؟! وأنّ الحقد الذي يكتنزه نظام المُلالي الفارسي في صدره سيجلب الكوارث لمنطقتنا، ما لم تتصدَّ له قُوّة تردعه عن غيّه وتوسّعه، هذا هو التاريخ الذي يُكرّر نفسه، لعلّ هناك من يتّعظ ويعتبر!.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
