تركيا تخسر

من يتابع ما يقع من أحداث في تركيا خلال السنوات الأخيرة الماضية يشعر بأن تركيا تخسر اليوم خسارة كبرى خصوصاً خلال حالة عدم الاستقرار التي تسود البلاد اليوم والتي أثرت على العديد من المجالات وفي مقدمتها المجالات الاقتصادية إذ ارتفعت نسب التضخم وتراجعت قيمة العملة إلى مستويات قياسية حيث خسرت خلال العام الماضي فقط 30% من قيمتها أمام الدولار، مما ساهم في رفع معدلات البطالة لتصل في عام 2019م إلى 14,7% بعد أن كانت 10,6% في عام 2018م ، كما توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انكماشاً اقتصادياً في تركيا بنسبة 2,6%، فضلاً عن الاضطرابات الناجمة عن نتائج الانتخابات الأخيرة.

في الأسبوع الماضي حذر رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالرياض المستثمرين السعوديين في تركيا بأنهم مهددون بخسائر كبرى بعد التضييق عليهم وتعطيل مصالحهم والضغط عليهم إلى حد الابتزاز في بعض الحالات وذلك من قبل جهات متنفذة ومدعومة هناك وأشار بأنهم كغرفة تجارية في الرياض يحذرون من الاستثمار في تركيا لما فيها من مخاطر استثمارية وأمنية. وبمثل هذا التحذير تخسر تركيا خسارة كبرى في فقد المستثمرين، كما حث رئيس غرفة الشرقية قطاع الأعمال السعودي إلى التريث وأخذ الحيطة والحذر عند ممارسة الأعمال في الخارج ولاسيما تركيا مشيراً إلى أن المستثمر السعودي في تركيا يواجه مخاطر محدقة، في حين نشرت السفارة السعودية بياناً يوصي المواطنين السعوديين والراغبين بالاستثمار في تركيا بالتواصل معها قبل بدء ممارسة الأعمال في تركيا وذلك بعد ما ورد إليها شكاوى من مواطنين ومستثمرين وملاك سعوديين.

تلك الخسارة الكبرى يؤكدها ايضاً استطلاع حديث للرأي قام به مركز سجاف للدراسات والاستشارات الإعلامية أن 44% من حجوزات تذاكر الطيران إلى تركيا خلال الإجازة الصيفية الحالية تم إلغاؤها وتغيير وجهتها إلى دول أخرى أكثر أماناً وذلك وفق المكاتب السياحية، كما أشار إلى أن 93%من السعوديين لاينوون السفر أو الاستثمار في تركيا بسبب المخاوف الأمنية مؤكداً بأن المسافرين يشعرون بعدم الأمان نتيجة المضايقات التي يتعرضون لها في جولاتهم السياحية وخصوصاً الاستغلال المادي .

بقيت تركيا لعدة سنوات الوجهة المفضلة للسياح السعوديين في الإجازة الصيفية كما كانت وجهة لبعض المستثمرين السعوديين غير أنها خسرت ذلك كله مؤخراً من خلال سوء المعاملة وكثرة الاحتيالات وتكرار الاعتقالات والحرص على استهداف بعض الشخصيات والتمييز بين السعوديين بشكل خاص والخليجيين بشكل عام وبين باقي السياح والمستثمرين مما ساهم في أن تخسر تركيا تلك المكانة الاستثمارية والسياحية الهامة عند السعوديين بشكل خاص والخليجيين بشكل عام.