Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمود إبراهيم الدوعان

وقف العين العزيزية

A A
منذ دخول الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- أرض الحجاز في عام 1343هـ واستقر به المقام في مدينة جدة لفت انتباهه النقص الشديد في مياه الشرب وقلة مواردها، والمعاناة الكبيرة التي يتكبدها السكان، والحجاج، والعمَّار في الحصول على شربة ماء نظيفة، حلوة، وخالية من الشوائب، لسد عطش أهالي جدة المزمن الذي عانوا منه كثيرًا منذ مئات السنين.. أمر الملك عبدالعزيز صاحب النظرة الثاقبة -رحمه الله- في البحث عن مصادر مائية جديدة، أو موارد مائية قريبة، أو توفير آلة تقطير لإعذاب مياه البحر (الكنداسة) بصفة عاجلة، لسد احتياجات القاطنين في جدة، والزائرين لها، كما أمر -رحمه الله- باستقطاب مجموعة من الخبراء الأمريكان لدراسة أوضاع المياه حول مدينة جدة، وتحديد المناطق التي يمكن أن تسهم في إرواء عطش سكانها، وفعلاً تم له ما أراد بعد توفيق الله، حيث تم اختيار منطقة الجموم- وادي فاطمة شرق جدة لتكون هي المصدر المائي الذي يمكن الاعتماد عليه ويحل اشكالات نقص المياه في مدينة جدة، وذلك لما تحويه منطقة الجموم من عيون وفيرة المياه الجارية في بطون أوديتها.

أوقف الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أراضي واسعة على طول مجرى خط أنابيب العين الواصلة لمدينة جدة قرابة الـ(50) كيلاً، وعلى جانبي الخط لتكون هذه الأراضي رافدًا مساعدًا لاستمرارية عطاء هذه العين، وعدم التعدي على قنواتها وأملاكها، وأن تكون صدقة دائمة لسكان مدينة جدة ومرتاديها، وضماناً لإرواء سكانها العطشى في معظم أوقاتها بماء عذب زلال بدون انقطاع، وبدون أي رسوم مالية كهدية ومكرمة من صاحب العطاء الكبير مؤسس هذا الكيان -رحمه الله وغفر له- وبعد فترة طويلة من عطاءات هذه العين دب الوهن في عيونها وتضاءلت كميات مياهها، وتوقفت تدفقاتها من مصادرها الرئيسة لأسباب عديدة، إلا أن عطاءات وقفها ما زالت مستمرة -بتوزيع المياه مجانًا لمعظم مساجد مدينة جدة في شهر رمضان المبارك- إنفاذًا لما أمر به مؤسس هذا الكيان، ورغبته الصادقة في خدمة سكان جدة وزوارها، وتلمس احتياجاتهم، وتلبية رغباتهم بكل ما هو غالٍ ونفيس لتسهيل أمورهم المعيشية بكل راحة واطمئنان.

يقول النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، وهذه الصدقة الجارية تحمل اسم ملك عزيز وغالٍ على كافة أبناء الشعب السعودي، لذا نأمل ونرجو من إدارة وقف العين العزيزية والقائمين عليها لضمان استمرارية الصدقة الجارية بإنشاء مصنع لتعبئة المياه، وتوزيع منتجاته على الجهات المحتاجة لإكسير الحياة: مثل المساجد، والمدارس، والمستشفيات، وغيرها من الجهات المستحقة لهذه المكرمة الغالية، والتي حرص على استمراريتها أبناؤه الملوك البررة من بعده -رحم الله من مات منهم، وأطال في عمر من بقي- حتى الوصول إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي يولي موضوع الأمن المائي جلّ اهتمامه وعنايته الخاصة وبأقل الأسعار، وسامح الله شركة المياه الوطنية التي أرهقت جيوب المواطنين برفع تسعيرة المياه، مع قصور في بعض خدماتها مثل: تأخر مدّ شبكة توزيع المياه لمعظم أحياء شمالي جدة، ولكن بعزيمة الرجال الصادقة والرؤية الواضحة التي وضعها سمو ولي العهد الأمين -أيده الله- سوف نحقق ما نصبو إليه في المستقبل القريب بإذن الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store