Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

«الترفيه».. تتقبَّل النقد

A A
جاء إنشاء الهيئة العامة للترفيه في (١٤٣٧/٧/٣٠هـ) مواكَبَةً لرؤية المملكة (٢٠٣٠)، ولتكون رافدًا اقتصاديًّا، ودعمًا للبنية التحتية، ومحفزًا للقطاع الخاص ليقوم بأدواره المنوطة به. فهذه الأهداف وغيرها هي ما تطمح إليه كل دولة وتسعى لتحقيقه؛ من أجل بناء اقتصاد قوي، ومن أجل الاستفادة من مقوماتها، ومن أجل التقليل من ضخ الأموال خارجها بفعل الإقبال على أماكن الترفيه وفعالياته في الدول الأخرى. الهيئة العامة للترفيه كغيرها من المؤسسات التي تقوم على خدمة المواطنين يعتري خدماتها المقدمة شيء من القصور، وتقع في بعض الأخطاء، لأجل هذا يحضر (النقد الهادف) الذي يعمل على تصحيح المسار؛ لتواصل المؤسسة مسيرتها في طريق تحقيق غاياتها. ولذا فإن مرور ما يزيد على ثلاث سنوات على إنشاء هيئة الترفيه يجعل وجهات النظر حول خدماتها تتسم بشيء من الموضوعية؛ كونها تحكم على واقع مشاهد ممتد فترة زمنية كفيلة بإعطاء صورة واضحة عنها. جاء في موقع الهيئة على الشبكة إن من الأدوار التي تقوم بها الهيئة «توفير الخيارات والفرص الترفيهية لكافة شرائح المجتمع في كل مناطق المملكة»، وعلى هذه الجملة يأتي التساؤل: هل ما تقدمه الهيئة من فعاليات يشمل شرائح المجتمع كافة؟، الملاحظ أن الفعاليات -معظمها إن لم تكن كلها- تصب في مصلحة شريحة واحدة وهي شريحة الشباب، زد على ذلك أن نوعية هذه الفعاليات التي تخدم شريحة الشباب لا تتناسب إلا مع فئة منهم، وهم محبو الطرب والسينما والمصارعة. كذلك فهذه الفعاليات تركَّزت على مناطق ومدن محدودة، ولذا يأتي التساؤل عن بقية شرائح المجتمع العمرية والفكرية، وعن بقية مناطق ومدن المملكة، ما نصيبها من الترفيه؟، أليس من حقها أن تقدم لها الهيئة ما يلبي أذواقها؟، وهل ستأخذ الهيئةُ الترفيهَ بمفهومه الشامل أم ستكتفي بالتركيز على عنصرين أو ثلاثة من عناصر الترفيه؟، جاء كذلك في موقع الهيئة أنها تهدف لتوفير خيارات «تناسب مستويات الدخل المختلفة»، في حين نقرأ أن أسعار التذاكر للفعاليات مرتفعة، ولا تناسب مستويات دخل بعض الأسر والأفراد.

أمر آخر يتردد في الأحاديث التي تتعلق بهيئة الترفيه، وهو أن الهيئة بهكذا فعاليات تحد من هجرة السياح السعوديين إلى الخارج، وهي بهذا تختصر عليهم المسافة والوقت، وتضمن بقاء الأموال داخل وطنهم. وهذه في الحقيقة فكرة رائعة، لكن لنا أن نتساءل: هل هناك دراسات وإحصائيات تُثبت (انخفاض) عدد السياح السعوديين المسافرين للخارج خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب ما تقدمه الهيئة من فعاليات، وليس لأسباب أخرى؟، وهل هناك ما يؤكد -قطعًا- أن سفر السياح للخارج هو للبحث عن الطرب والسينما والمصارعة، ولذا تم العمل على توفيرها داخليًّا؟، أم أن حب الاكتشاف وجودة الخدمات ورخص الأسعار وجمال الطبيعة والتعرف على الثقافات هي (الدافع الأهم) للسياح السعوديين؟، أمر آخر جدير بالملاحظة وهو أن بعض الأسماء التي تستضيفها الهيئة تتعدَّى -أثناء فعاليات الهيئة- على أبطالنا، وبعضها يحمل سيرة غير حسنة... فجدير بالهيئة أن تأخذ هذا الأمر في اعتبارها. ثم إن الهيئة أحسنت كثيرًا ببياناتها التي أوضحت فيها موقفها من تجاوز بعض الجهات وبعض الأفراد، ونأمل أن تتخذ بحق هؤلاء المتجاوزين ما يلزم. وقد يقول قائل: إن هذه الأخطاء حالات فردية ينبغي عدم تعميمها، وينسى هذا القائل أن الماضي القريب حمل لنا حالات مشابهة ظل المنافحون عنها يُغلّفونها بغلاف (الفردية) حتى عضضنا أصابع الندم.

هيئة الترفيه أهل لأن تُقوِّم مسيرتها وتُراجع خطواتها في سبيل نجاح مقاصدها الرامية لتقديم فعاليات هادفة، شاملة للشرائح (العُمْرية والفكرية) كافة، بامتداد الوطن الكبير، بما يراعي مكانته الرفيعة، ومبادئه الفاضلة، ورسالته السامية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store