Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

مكافحة النميمة..!

A A
في إحدى دول شرق آسيا قامت إحدى المدن فيها بوضع قانون لمحاربة النميمة والحد من صدور الشائعات داخل المجتمع وحددت العقوبة بأن كل مدان سيعاقب بجمع القمامة لمدة ثلاث ساعات يومياً إضافة الى غرامة مالية لا تتجاوز ثمانية عشر ريالاً تقريباً، وتتصاعد هذه الغرامة مع تكرار الفعل لتصل المدة الى ثماني ساعات وغرامة مالية ما يقارب خمسة وثمانين ريالاً. وقد نظرت الى مجتمعاتنا العربية التي لا يكاد يخلو مجلس فيها من مواضيع النميمة بل إن بعض المجالس قائم عليها، حتى أصبحت ظاهرة النميمة أمراً عادياً بين أفراد المجتمع لا ينكرها الكثير منا تتناول وتتداول حتى أصبحت جزءاً من محور حديثنا مع الآخرين.

فالنميمة نقل حال شخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه، سواء كان بعلمه أم بغير علمه، أو كما عرفها الإمام الغزالي بأنها كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه، أو المنقول إليه، أو ثالث، وسواء كان الكشف بالقول، أو الكتابة، أو الرمز، أو الإيماء أو نحوها، وسواء كان المنقول من الأقوال، أو الأعمال، وسواء كان عيباً أو غيره. فحقيقة النميمة إفشاء السر، وهتك الستر عما يكره كشفه، والنميمة محرمة، بل هي كبيرة من كبائر الذنوب، إلا إن كانت لرفع ضرر، أو ما تقتضي المصلحة العامة، والله أعلم، وجاء التحذير من النميمة لفظاً من الله سبحانه بقوله في سورة القلم {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيم}، وحديث حُذَيْفَةُ النعمان أنَّهُ بَلَغَهُ أنَّ رَجُلًا يَنِمُّ الحَدِيثَ فقالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ.

وبما أننا نعي ونعرف حقيقة النميمة وتبعاتها وآثارها السلبية على الناس والمجتمع، إلا أننا نمارسها بدرجات نسبية تختلف من شخص لآخر، بل إن البعض أباحها من باب التسلية ولن أقول أنها أوسع انتشاراً بين معاشر النساء، بل أصبحت ظاهرة بين معاشر الرجال والأصدقاء، وأصبحت وسيلة للتقرب للبعض على حساب الآخرين حتى لو كانوا من المقربين، لذلك نجد أن هناك علاقة قوية بين النميمة والمصلحة وإصدار الشائعات في المجتمع.

نرجو أن توجد عقوبات تعزيرية وغرامات مالية لمن يمارس النميمة في المجتمع بكل أنواعها، لأن هذه الآفة سوف يتوارثها أبناؤنا حتى تصبح مألوفة لهم ويعتادوا عليها بل ممكن أن يبحثوا عنها مستقبلاً لإشباع آذانهم بالاستماع إلى أسرار وخفايا الآخرين ولن يتكبدوا عناء التأكد مما يسمعون، بل سرعان ما ينقلون وسرعان ما يكذبون أنفسهم، وبرامج التواصل الاجتماعي ساهمت بإظهار بعض النمامين وناقلي الشائعات والجاهلين في الإرسال والاستقبال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store