Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

إلغاء الولاية.. والنسونجيون الجدد!

A A
حين طالعتُ ردة الفعل «المتشنجة» لبعض معارضي «إلغاء الولاية» بعد قرار تكوين لجنة تدرس تطبيقها لمن وصل سن 18سنة؛ ولن أستخدم هنا مصطلح «سقوط» الولاية لما يحمله من مضامين مستفزة، فاللغة ليست مجرد وسيلة لتوصيل الأفكار بل وعاء نفسي، وقد تخسر قضية عادلة بسبب استخدام غير موفق للغة.

أعود إلى ما ابتدأته حول ردة فعل المعارضين؛ فقد ذكَّرتني بمقال كتبته عام 2010م؛ أطلقت فيه على المحتسبين تطفلاً مصطلح «النسونجيين» ممن كانوا يضايقون النساء في معارض الكتب والأسواق بحجة الحجاب الشرعي زمن «الغفوة» أقصد «الصحوة»؛ حتى وإن كانت مُغلفة بالسواد تجدهم يسمحون لأنفسهم بالتحدث معها بحجة النقاب أو المناكير أو ارتداء الكعب كما حصل مع صديقة ترتدي عباءة فوق الرأس لكنها لم تنجُ حين لاحقها أحدهم ينصحها بأن «الكعب»الذي ترتديه ملفتٌ!!.

هؤلاء حينها أسميتهم بـ«النسونجيين»، فالنسونجي برأيي ليس فقط زير النساء المُتعدد العلاقات؛ بل حتى من لا تجد له صوتاً إلا في شؤونها، واليوم يظهرون من جديد وإن لم يكونوا محتسبين بثياب قصيرة ولحى؛ لكنهم لا يرون أبعد من أقدامهم خلال سعي المرأة بنفض الأعراف والتقاليد التي لم تكن من الدين في شيء، وسلبتها حقوقها المنطلقة والمؤصلة بالشريعة الإسلامية، وككثير من المسائل التي ـ ولله الحمدـ في عهد والدنا وسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير الملهم محمد بن سلمان ـ حفظهما الله ـ تم تجديدُ وسنُّ الأنظمة لتمكينها كالسماح بقيادة السيارة مثلاً، القضية التي أخذت عقوداً من التشنج «النسونجي» حتى تبخرت كل المخاوف الذكورية بعد تطبيق القرار؛ وذات التشنج يتكرر مع «إلغاء الولاية» رغم أن المرأة اليوم في كافة شؤونها بعد تطوير الأنظمة لم تعد تحتاج لموافقة وليها حتى في إصدار رخصة القيادة، وكل ما تبقى له موافقته على السفر والزواج؛ وأظن حالات «العضل» المؤلمة التي نسمع عنها في المحاكم وتعسف الولي بمنع مجتهدة من السفر للدراسة أو مريضة للعلاج، يُعجل بدراسة هذا القرار واتخاذه.

ولا أعرف لماذا «النسونجيون الجدد» خائفون من إلغاء الولاية!؟ ألا يثقون بنساء بيوتهم؟! وأعتقد أن من يخشى إلغاء الولاية هو النوع الذي يتعامل مع نساء بيته تعامل العصا لمن عصا!، أما من يتعامل باحترام وعدالة معهن فلن يقلق؛ فالولاية مسألة «عاطفية» أكثر من كونها قانونية؛ ومثله ستجده من المؤيدين إنصافاً لنساء بيته قبل غيرهن خوفاً إذا ما أخذ الله أمانته وخشي انتقالهن بعده لولاية ظالم أو طامع أو سكير!

إن إلغاء نظام الولاية لن يؤدي إلى تحرير المرأة بل تمكينها في حال كانت يتيمة أو أرملة أو مطلقة فيمنع انتقال ولايتها كأنها ضمن الورث، من أب إلى عم إلى خال في حالة الوفاة، وقد يكون ظالماً أو طامعاً؛ ولا يقلق من هذا القرار إلا من تعاني المرأة في بيته منه، ولهؤلاء أقول :عليكم مراجعة تصرفاتكم، ولا تنسوا قراءة سورة «المجادلة» في القرآن الكريم كي تتعلموا منها ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

لقد حان الوقت أن يدرك الرجل بأن من في بيته ليست مجرد «حُرمة» بل مواطنة كاملة الأهلية؛ لها من الحقوق ما له وعليها من الواجبات ما عليه تماماً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store