.. في قلب عاصفة، وفي عجاج السنين، ذهبت مع الريح، تلك (الذات) العربية الأصيلة..
وبقيت بقايا أشباه، لا تشبهنا ولا نشبهها، إلا على أوراق التاريخ..!!
***
.. ليلنا وخيلنا ومثار نقعنا، حتى أشكال وجوهنا،سحقها مساء استمطر البرد، فتجمد كل شئ، وغاب كل شئ، وتغرَّب كل شئ..!!
***
.. فقدت ذاتنا ذاتها ليلة شتاء، فتحول كل شئ، إلى كوم من رماد..!!
***
.. حتى ذلك التاريخ الذي كنا نتغنى به، ونهرب من تعاساتنا اليه، نسيناه أو هو نسينا..!!
***
.. في زمن الانكسارات والخيبات العربية، لم نعد نحن نحن،غاب صهيل (ابن جلا)، وفقد قدرته على أن يكون (طلَّاع الثنايا) ولم تعد بوارق المتنبي ولا وثبة المعتصم، تمتُّ لنا بنسب..!!
***
.. وبقيت الأطلال التي تشبه ملامحنا المكسورة، مرتعاً خصباً لبكاء العربي عليها وعلى ذاته..!!
***
.. تسافر جراحك إلى كل أوطان (العرب) بمدنها القديمة، بأزقتها الضيقة بإنسانها المقهور، فتلعق الجراح الجراح، وتلتصق أوجاعك بالتراب..!!
***
.. فاجعة أولى تصافحك على أعتاب حال (عروس المدائن) في عيون الثكالى والمهجرين:
«سلام من صبا بردى أرق.. ودمع لايكفكف يادمشق» ..!!
***
.. فاجعة ثانية على حال (جوقة المدائن) وقد غطاها الدم والدمار والبارود وذهبت أخيلة: «عيون المها بين الرصافة والجسر»..!!
***
.. فاجعة ثالثة، تحرق أجواف (عذراء الجبل) «هل تدري صنعاء الصرعى... كيف انطفأت ؟ ومتى تنشر؟ «..!!
***
.. فاجعة رابعة تزف الموت والنار، الى بقايا أنفاس (عروس المتوسط) « أنا يا طرابلس الحبيبة عاشق... والحب أعمى والهوى ميال»..!!
***
.. ولازالت أغصان الزيتون تهز كل أوجاعنا بعد أن شاخ في عروقنا الصهيل
«فلسطين تحميك منا الصدور... فإما الحياة وإما الردى» ..!!
***
.. وعلى نقوش الفسيفساء، لا زلنا نستبكي ذاتنا، ونستبكي
«زمان الوصل بالأندلس»..!!
***
.. والسؤال الباكي هو: من فعل هذا بنا؟، إنه نحن (ياسادة)، فغربة «الذات» غربة «روح»، وفي غربة الروح، يتحول كل شئ إلى مسخ متبلد، استوطن الهوان أطرافه، وكل تفاصيل واقعه...!!