نشرت جريدة المدينة بتاريخ ١ ذو الحجّة ١٤٤٠هـ، خبراً صغيراً في مساحة نشره لكنّه كبير في دلالاته، وهو عن تعاون صاحب أرض بيضاء في جدّة مساحتها ٧٢٤،٢٦٠ متراً مُربّعاً مع برنامج الأراضي البيضاء التابع لوزارة الإسكان، ووافق على تطويرها وإعداد مُخطّط سكني لها، وبهذا سوف تتحوّل من أرض جرْداء واحدة إلى ١٢٤٠ قطعة أرض جاهزة للبناء، ممّا لا يُخْضِع صاحبها لدفع رسوم الأراضي البيضاء، ويزيد من المعروض في عدد الأراضي المُطوَّرة، ويُخفّض شيئاً من سعرها المُرتفِع.
وهذه قصّة مجيدة، لأنّ فيها تعاوناً نبيلاً بين مواطن ثريّ تخلّى عن أنانيته، وعن سلوكيات «هامور» الأراضي التي تضرّ بالوطن ومواطنيه العاديين، وبين جهة حكومية تصدّت ولو بتأخّر لذلك، وابتكرت قانون رسوم الأراضي البيضاء واجتهدت في القضاء على ظاهرتها العجيبة، وأن تأتي متأخرة خيرٌ من ألّا تأتي للأبد.
وهي قصّة مجيدة أتمنّى أن تُكتب بمداد الذهب، وأن تُوزّع على أصحاب الأراضي البيضاء الآخرين، وهم بالمئات، وربّما بالآلاف، ومساحات أراضيهم تبلغ مليارات الأمتار المُربّعة، في طول البلاد وعرضها، كي يحذوا حذو صاحب أرض جدّة.
فإن فعلوا ذلك فسوف تتوفّر ملايين الأراضي المُطوّرة الجاهزة للبناء، وستنخفض أسعارها لتكون في مُتناول يد المواطن العادي وليس فقط في أحلامه، وسوف يربح أصحاب الأراضي أموالاً معقولة لا مهولة، وسينالون الأجر في الآخرة وهو الربح الكبير الخالد الذي لا ينضب.
ولو تأمّل كلُّ صاحب أرض بيضاء مُترامية الأطراف، أنّ مصير كلّ إنسان سيكون على آلةٍ حدباء محمول، ومنقول لأرض يُقْبَرُ فيها، مساحتها أجزاء ضئيلة من المتر، لَتَعَاوَنَ مع وطنه، وبَذَلَ لمواطنيه الذين هم عشيرته، وساهم في حلّ أزمة الإسكان، وفرّج هموم المواطنين ذوي الدخل المحدود الباحثين عن المسكن بسعرٍ مقدور عليه، ولَنَفَعَهُ ذلك يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم!.