Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله فراج الشريف

احذروا ظلم النفس

A A
إن أسوأ ما ينال الإنسان، ظلمه لنفسه، وظلم النفس صوره كثيرة جداً، فمنه أن يحقق العبد لنفسه شهوة عاجلة تُورِّثه شقاء دائماً، وفي هذا يقع كثير من الناس، فيرى في أحكام الله عز وجل ما لا يحقق له شهواته المرغوبة فيتبع هواه، فيرى في المعصية لله تحقيقاً لشهوته العاجلة لذَّة لا تعدلها لذَّة، وينسى أنها تحقق له شقاء دائماً. ولعل من ذلك اليوم من يعترض على أحكام الله، لأنها تمنعه من ارتكاب المعاصي، ويبحث عما يستحلُّها به، فيتبع الشهوات ويستمع لأهل الباطل، فيرتكب من المعاصي ما يرى أنه يحقق له من الشهوات ما لو اتبع الحق لما وصل إليه، ومن هؤلاء الذين يرون في تحليل الحرام اجتهاداً يفتح لهم الطريق الى الحرام، ومن هؤلاء الذين يرون أن في تحليل الخمر اجتهاداً، زعماً ألا نَصَّ لها مُحرِّم في كتاب الله، ويتبع هواه حتى إذا شربها وأحس لذَّتها خدعته فلم يستطع الانصراف عنها فارتكب جرماً أخذ يجره إلى كثير من المحرَّمات، ولم يستطع التراجع عنها بعد ذلك.
ومن ظلم النفس أن يُدفع الإنسان إلى ارتكاب شيء من المعاصي ظناً أنه ينفعه في الدنيا، فمن أعظم ألوان ظلم النفس الشرك بالله، فمن يشرك إنما يرتد على نفسه بظلم عظيم وهو لا يدري، وعدم الأمانة ظلم عظيم يرتكبه الإنسان دون أن يعلم أنه ظلم، فالإنسان دوماً ظلوم جهول، وهو هالك ولاشك بارتكاب الظلم، ناجٍ بأداء الأمانة وبطاعة الله عز وجل، وهو ناجٍ إذا نهى النفس عن الهوى، وترك اتباع الشيطان المحرِّض على المعاصي، وكم لنا في ذلك من طريق ممهد إلى الجنة إذا تركنا الظلم فهو ظلمات، ولن يتركه العبد حتى يعلم أنه مهلكة لا محالة، والسكون إلى الطاعة وأداء الأمانة، التي هي المحافظة على طاعة الله دوماً، ألم نسمع قول الله عز وجل: (وَإذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، فأعظم الظلم الشرك بالله، وهو الداء العضال، الذي إذا وقع فيه الإنسان لم يستطع منه خروجاً، وإن تجنَّبه منذ البداية شق طريقاً ممهداً لطاعة الله المؤدية إلى الجنة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store