Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

السعوديون و«سيرة الحب»!!

A A
هل يمكن أن نعيش دون «حُبّ»!؟

تخيل، كيف سيكون الحال! سيتحول البشر إلى آلات جامدة مُبرمجة في عالم ميكانيكي!، ولن تشعر بما يميزنا عن الحيوان! فالفكرة العامة أن العقل وحده ما يميز الإنسان عنه! لكني أضيف الشعور بالمتعة أيضاً! فالحيوان تدفعه الغريزة؛ أما الإنسان شعوره بالمتعة أهم دوافعه!، والحب مُحرك للمتعة، فلن تستمتع بشيء لا تحبه، وقد فُطرنا على الحُب كباراً وصغاراً؛ أمهات وآباء وأبناء؛ إنه ما يشعرنا باللذة في إنسانيتنا، ربما يشبه شعور انفصالنا أحياناً عن «الزمكان» كلما سمعنا أم كلثوم تغني «أنت عمري» أو يأخذنا محمد عبده مع «مجنونها»، وطلال مداح بـ»عطني المحبة «، وربما نتماهى مع قصيدة الأمير بدر بن عبد المحسن «صعب السؤال»، وقد نبتسم أو نحزن ونحن نقرأ القباني «أحبّك جداً».

وهو بين الرجل والمرأة حالة كيميائية خاصة جداً، وفي علاقتهما تعددت الآراء بتعدد التجارب الإنسانية والاجتماعية؛ فشكسبير مثلا يجد: «الحبّ أعمى؛ والمُحبون لا يرون الحماقة التي يقترفونها!»، ومدام دوستايل تقول: «الحبّ هو تاريخ المرأة وليس إلا حادثاً عابراً في حياة الرجل»، فيما جان جاك روسو يقول: «الرجل يحب ليسعد بالحياة؛ والمرأة تحيا لتسعد بالحب»، وتصفه إيفا بيرون أنه: «كالحرب من السهل جداً أن تُشعلها، ومن الصعب أن تخمدها»، لكنها بذات الوقت ترى أزمته: «تتلخص في أن الرجل يريد أن يكون أول من يدخل قلب المرأة، والمرأة تريد أن تكون آخر من يدخل قلب الرجل»، وأديبنا المصري أنيس منصور يقول: «الحب عند الرجل مرضٌ خطير؛ وعند المرأة فضيلةٌ كبرى»؛ وأقربُ ما يصور حالة وقوعهما في الحب مثلٌ لا أعرف قائله:»الحبّ يدخل للرجل من العينين؛ بينما يدخل إلى المرأة من الأذنين».

وبيني وبينكم، ولنجعله سرّنا، كيف هي رؤيتنا نحن كسعوديين لـ» الحبُ»!

لا شك أن السنوات التي عشناها في غيبوبة «الصحوة» شوهت الكثير من ملامح عواطفنا بهواجس وظنون وخرافات، وكان الحب أهم ضحاياها!، فكم من حكايات سمعناها عن علاقات انتهت بسبب تفكير مرضي نتيجة أوهام غرستها الصحوة! وجعلت كثيرين ينظرون إلى الزواج مجرد علاقة ميكانيكية، هدفه «سرير» و»إنجاب» والحياة «تمشي بالبركة»!!

لا نضج ولا صداقة ولا متعة!! وكم من شخص أحب فتاة وأحبته ورأى فيها فتاة أحلامه ثم طوى صفحتها حين قرر الزواج، ليتزوج من اختيار أمه ولم ترها عيناه ولا يعرف ماضيها، فقط لأجل وهم «صحوي» تغذى عليه هو»كما عرفتك ستعرف غيرك!!» والنتيجة أحياناً هي الندم، أليس كذلك ؟! ومثل هذه الحكاية تكررت كثيراً وربما ما تزال تتكرر.

عموماً، مهما حاول الأشقياء تلويث «الحبّ» باستهتارهم وهو ما يجب الحذر منه، ومهما تلوث بالماديات التي حولته إلى «سلعة» تباع وتشترى!! أو تلوثه بالتقنية ليصبح وجبة «تك أوي» سريعة؛ إلا أن هناك قصصاً ناجحة جداً يعيشها أصحابها بجدية واحترام وامتنان؛ وهؤلاء ممن أدركوا أن «الحب» فرصة تقدمها لهم الحياة وقد لا تتكرر، تعيد تكويننا الإنساني ليرتب الإنسان نفسه من جديد ويصنع المعجزات، فيصبح أفضل وأجمل وأرقى؛ لكن علينا أن لا ننسى أيضاً كما يُحول الحب الإنسان إلى ملاك؛ فهو قادر على تحويله إلى وحش كاسر أحياناً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store