Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

الدرونز وقانون الطيران العالمي..!

A A
أي جسم يطير في الأجواء -ماعدا الدرونز- تحكمه القوانين والمعاهدات الدولية المبرمة تحت رعاية منظمة الطيران المدني الدولي بداية بمعاهدة شيكاغو التي أُبرمت في شهر ديسمبر من عام 1944 قبل ميثاق الأمم المتحدة الذي أُبرم في عام 1945م استعجالاً من الحلفاء المنتصرين في الحرب الكونية الثانية واستشرافًا خارقًا لمستقبل الطيران المدني المبهر والفوائد المتوقعة والاستثمارات والتحولات الاقتصادية الضخمة بفضل الابتكارات الخلاقة لتقنيات الفضاء والأقمار الصناعية التي أحدثت قفزة جبارة في مجال صناعات النقل الجوي وأصبحت وسائل السفر والسياحة والاتصالات وتبادل المنافع بين حضارات الشعوب ونقل البضائع وبحوث استكشاف الكواكب السيارة في مجرات الكون من أكبر وأهم ابتكارات الإنسان وتفوقه عبر التاريخ.

تطورت أحجام وسرعة ونوعية وسعة المركبات الطائرة في الأجواء واستخدمت للأغراض المدنية السلمية وفي الحروب أيضًا وغزو الفضاء الخارجي وأسست لثورة المعلومات والسوشال ميديا التي يعيشها العالم في العصر الحديث.. وكذلك البحوث العلمية في شتى المجالات ويسَّرت للعلماء والباحثين فرص الإبداع في أي مكان من العالم وأصبح الطيران في الفضاء الخارجي ميداناً فسيحاً لفضول الإنسان وطموحاته التي لا حدود لها وقائد قاطرة العولمة في العصر الحديث.

انبثق عن مفهوم اللعبة الصغيرة التوسع في الاستخدام واللعب والعبث أيضًا المتمثل في سرعة وقوة فتك المقاتلات الحربية وما يمكن أن تُحدثه من دمار للإنسان والبيئة والممتلكات والمنشآت الحيوية على كوكب الأرض.

ومركبات الدرونز صغيرة الحجم إحدى تلك الوسائل التي أفرزتها تقنية العصر ولم يتم التصدي لها في وقت مبكر بدراسة الإيجابيات والسلبيات وعمل إجراءات وقوانين تحكم تسجيل امتلاكها وتقنن استخدامها وتحد من أضرارها.. وهنا تثبت مقولة أن «التقنية تسبق التشريع» لاستخدامها حتى أصبحت الدول في سباق مع كيفية التعامل مع تلك المركبات الصغيرة التي يطلقها العابثون من أماكن مجهولة ويتم التحكم فيها وتوجيهها عن بعد إلى أهداف محددة تسير تحت مستوى التغطية الرادارية لأغراض التجسس ومن أجل إلحاق الضرر بالمجتمعات ومنشآتها مثل الذي نشهده في الآونة الأخيرة من بداية انقلاب الحوثيين على الشرعية في اليمن.

وبرغم أن الأضرار قد تكون محدودة في بعض الحالات إلا أن استمرار وجود الدرونز بدون ضوابط قانونية صارمة ضد مستخدميها ومصادر إطلاقها يُلحق أضرارًا جسيمة وغير مقبولة ولابد من إدراج استخدامها ضمن فئة الأسلحة المحرمة دوليًا وإلا تحوَّل العالم إلى فوضى عارمة وأضرار لا حدود لها،

لأن تفاصيل تصنيعها شبه بدائية وقليلة الثمن وفي متناول كل من يبحث عنها، وهذا ما يزيد من صعوبة التحكم في وجودها في أيدٍ تتعمد العبث والإضرار بالمجتمعات بدون أي وازع أخلاقي أو ديني أو إنساني بغرض الانتقام والإضرار بالغير..

وهناك عدد من الدول (فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وهيئة الطيران السعودية..) بادرت بعمل ضوابط لتصاريح استخدام الدرونز ولكن المحاولات من وجهة نظري غير كافية.

وأمام هذه الظاهرة الجديدة فإن العالم مطالب حاليًا عن طريق مجلس الأمن ومنظمة الطيران المدني الدولي «الإيكاو» وكل منظمات الأمم المتحدة ذات العلاقة بالدعوة لمؤتمر دولي عاجل يناقش ظاهرة الدرونز وسن الضوابط القانونية لتسجيلها واستخدامها مثلما حصل في حالات سابقة كتهريب المتفجرات والأسلحة على متن الطائرات واختطاف الطائرات أيضاً وغيرها من الوسائل المخلَّة بأمن وسلامة الملاحة الجوية في العالم.. كما أن فوضى استخدام الدرونز سيصل لكل دولة في العالم ما لم توضع إجراءات صارمة تنزع قدرة الاستخدام غير المقنن من أيدي العابثين بالأمن والسلامة في أي مكان من العالم، وإذا لم يتم ذلك فلن يبقى أحد في منأى عن الأضرار التي بالإمكان أن تُحدثها مركبات الدرونز بالتحكم فيها عن بعد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store