Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

أنا أدفع.. إذاً أنا أنفع

الحبر الأصفر

A A
امتِلَاك المَال نِعمَة، وهَذا لَا غَرَابَة فِيهِ، ولَكن أَيضًا إنفَاق المَال نِعمَةٌ أُخرَى، فهو يَدلُّ عَلَى أنَّك مُستقلّ، وقَادر عَلَى تَحمُّل مَسؤوليّة أَعبَاء حيَاتِك.. وقَد كُنتُ فِي السَّابِق أَتضَايَق مِن إنفَاق المَال، وبالذَّات حِين تَسديد فَوَاتير المَاء والكَهربَاء، إلَّا أنَّني غَيّرتُ رَأيي، حِينَ قَرأتُ نَصًّا للدّكتورَة «لويز هاي»، فِي كِتَابها الذي يَحمل عنوَان: «كَيف تَتخطَّى آلَامك، وتُواصِل حيَاتك»؟.. حَيثُ تَقول فِي صـ195 تَحت عنوَان: «الإنفَاق شَيء مُمتِع»: (مِن الضَّروري أَن نَتوقَّف عَن القَلق بشَأن المَال، والاستيَاء مِن فِكرة الإنفَاق. كَثيرٌ مِن النَّاس يَتعَامَلون مَع الفَوَاتير؛ وكَأنَّها عِقَاب لَهم، يَجب أَنْ يَتجنّبوه قَدر الإمكَان. فالفَواتير تُعدُّ إقرَارًا مِنَّا عَلَى قُدرتنَا عَلَى الدَّفع. فالدَّائن يَفتَرض أنَّكَ مَيسور الحَال بِمَا فِيهِ الكِفَايَة، ويَقوم بتَوفير الخِدمَة، أَو بإعطَائِك المُنتج أوَّلًا. لِذَلك تُعدُّ الفَوَاتير سِمَة إيجَابيَّة؛ تُلزمك بسَداد ديُونك، وإذَا دَفعتَ المَال وأنتَ مُستَاء مِمَّا تَدفَع، فاعلَم أنَّه مِن الصَّعب أَنْ يَأتي إليكَ المَال مَرَّةً ثَانية. أمَّا إذَا أَنفَقتَ عَن طِيب خَاطِر، فسَوف يَعود إليكَ المَال بكَثرَة، فتَعَامل مَع المَال وكَأنَّه صَديقٌ لَك، ولَيس كشَيء تَستَاء مِنه)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّني سَعيد بهَذه الثِّقَة؛ التي تَتوطّد بَيني وبَين الشَّركَات، فمَثلًا شَركة الميَاه تُقدّم الخِدمَة أوَّلًا، وَاثقَة مِنِّي ومِن قُدرَتي عَلَى السَّدَاد.. إنَّها تَضخّ الميَاه إليَّ، ثُمَّ تَجعلني أَشعُر بمَسؤوليّتي تِجَاه الميَاه، وبَعد استهلَاكي لِمَا أَحتَاج مِن هَذا السَّائِل، أَدفَع مَا يَجب عَليَّ دَفعه..!

صَدّقوني، فِي بَعض الدّول تَدفَع مُقدَّمًا، ثُمَّ تَحصُل عَلَى الخِدمَة، مِثلهَا مِثل تَذَاكِر الطَّائِرَات والقِطَارَات..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store