كانت قضية الفساد هي إحدى القضايا الرئيسية التي تناولتها في كتابي الذي أصدرته في عام 2011 بعنوان (الزلزال العربي: السعودية والخليج).. وقد جاء الفصل السابع من الكتاب تحت عنوان: «الفساد.. أم المعارك»!! وتحدثت فيه عن أبرز قضايا الفساد آنذاك، وعلى رأسها كوارث السيول في جدة والرياض التي كشفت بنية تحتية مهترئة كلف إنشائها بلايين الريالات، وفتحت تساؤلات حول أين ذهبت هذه البلايين بعد ما كشف رئيس ديوان المراقبة العامة الأستاذ أسامة جعفر فقيه -آنذاك- عن أن المشاريع الحكومية التي لم يتم تنفيذها وصلت إلى 4000 مشروع، بقيمة ست مليارات ريال.
****
وقد كتبت حينها بأن ما كُتب عن تلك القضية لو جمعناه لشكل سدًا قد يحول دون تدفق تلك السيول شيئًا ما، لكن الكلمات ذهبت مع مجاري السيول والأمطار.. فقد «باشت» وتحللت وانتهى مفعولها بانتهاء الكارثة.. وجفت معظم أقلامنا رغم البلل المحيط بنا، فأنت تكتب عندما تشعر بأن هناك بعض الأمل... عندما ترى ضوءًا في نهاية النفق. أما حين تُفاجأ بتكرار نفس التصريحات، مع كل كارثة جديدة، ومع استمرار عدم المحاسبة إلا على صفحات الصحف، فإن القلم عادة ما يأبى أن يكون أداة «زور» في يد الكاتب ويتوقف عن الكتابة.
****
لم يكن تحرك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد تحت مسمى «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» أمرًا مستغربًا بعد كل ما حدث.. فقد كان إنشاء الهيئة وربطها مباشرة بخادم الحرمين الشريفين خطوة إصلاحية كبرى، وإذا كانت قد خبت فعاليتها بعض الشيء، فإن الأمر الملكي الذي صدر يوم الجمعة 30 أغسطس الماضي بتعيين الأستاذ مازن الكهموس، رئيساً للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ينبئ بمرحلة جديدة من عمل الهيئة.
****
لم يكن إذًا طي حملة مكافحة الفساد التي استمرت قرابة نحو 82 يومًا، وبالتحديد في 2 نوفمبر 2018، التي اتخذت من فندق «الريتز كارلتون» مكانًا لاحتجاز الموقوفين بتهم الفساد وتكللت بالنجاح عبر إنجاز تسويات تقدر قيمتها بنحو 400 مليار ريال، هي نهاية هذه الحملة الناجحة.. فقد أعاد الأمر الملكي مسيرة مواجهة الفساد إلى خطها الطبيعي المأمول منها.
وهذا ما سنناقشه في المقال القادم.
#نَافِذَة:
لن ينجو أي شخص تورط في قضية فساد مهما كان منصبه.
#محمد_بن_سلمان
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
