Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

حوار الصحوة والانفتاح..!

A A
تتطلب المرحلة التي نعيشها حوارًا صريحًا وشفافًا وبنَّاءً يوضح أسباب إخفاقات الماضي وطرق التصدي لمعضلات المرحلة بما تستحقه من دراسة وحوار يكشف السلبيات والإيجابيات لمعالم الطريق الذي نسير عليه، خاصة وأن المملكة أصبحت مستهدفة من الخارج وهي تواجه تحديات التغيير الذي يمر بقفزات جريئة وسريعة، يرى فيها الكثيرون الرهان الواعد على مستقبل أفضل.

كانت بدايات مشروع الصحوة بإعلان «حرصها على إيقاظ المجتمع انطلاقًا من تعاليم الدين الحنيف والحث على التمسك بالثوابت والتوسع في حملات التوعية ونشر ثقافة الإسلام»، وقد شمل النشاط بعض الأعمال الخيرية في الخارج مثل الجمعيات والتبرعات من المحسنين وبناء المساجد في عدد من الدول في العالم تلبية لحاجة المسلمين المهاجرين وكان أهمها سلسلة من المساجد أمر بها المرحوم -بإذن الله- الملك فهد بن عبدالعزيز في أمريكا وأسبانيا ودول أخرى..

وعلى المستوى الدولي الصراع بين الاشتراكية والرأسمالية بقيادة قطبية تمثلت في الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو والولايات المتحدة الأمريكية وحلف النيتو خلال ما سمي بحقبة الحرب الباردة بين المعسكرين.. كانت أفغانستان نقطة ساخنة أراد الاتحاد السوفيتي منها تحقيق اختراق لما سماه بالمياه الدافئة في منطقة الشرق الأوسط لزعزعة تمكن الغرب من الهيمنة على المنطقة واستنزاف ثرواتها وعلى رأسها البترول.. ومع تصاعد الحماس لتحرير أفغانستان من قبضة الاتحاد السوفيتي برز رموز الصحوة منادين بالجهاد وعلت أصواتهم لدرجة كانت تمس الأمن والاستقرار في المنطقة ككل، وبعد انسحاب الروس وعودة المجاهدين العرب من أفغانستان واكتشافهم السراب الذي كانوا يجرون وراءه تحولوا لبؤر إرهابية تهدد أمن أوطانهم والدول الحليفة التي تخلت عنهم بعد أفغانستان..

لم تؤخذ تداعيات ما بعد أفغانستان مأخذ الجد إلا بعد أحداث 9/11 التي كانت بمثابة زلزال عالمي هيج أمريكا والدول الغربية ضد الإسلام والمسلمين وفتح معسكر جوانتانامو في جزيرة كوبا لتصيد أعضاء القاعدة واحتجازهم بدون محاكمات وبدون أي مراعاة لحقوق الإنسان وكانت تلك الممارسات كرتاً قوياً في يد أعضاء القاعدة المحسوبين على الصحوة في العالمين العربي والإسلامي.

المملكة بسياستها الحكيمة استطاعت أن تدير الأزمات بمهارة ومع مرور الوقت اكتشف الغرب أنه كان شريكاً فعالاً في دفع موجة التطرف حتى وصلت إلى ما وصلت إليه وكانت البداية في أفغانستان من خلال التدريب وضخ الأموال وعدم وجود برامج إعادة تأهيل (للمجاهدين) بعد عودتهم الى أوطانهم على اثر انسحاب الاتحاد السوفييتي وتفكك منظومة وارسو وأصبحت أمريكا القطب الأوحد المهيمن على العالم. انتهت حرب العراق وإيران وتبعها غزو الكويت من قبل صدام حسين وتداعياتها التي نتج عنها تدمير العراق كقوة ضاربة في منطقة الشرق الأوسط وخلال كل هذه المراحل كانت الصحوة فاعلة في داخل دول مجلس التعاون حتى تولى الملك عبد الله ومن بعده الملك سلمان مقاليد الحكم وبدأ الانتقال لمرحلة صحوة تنموية جديدة من خلال انفتاح أوسع على العالم والنهوض بالاقتصاد والتنمية والمجتمع ومواصلة اشراك المرأة الذي بدأه الملك عبدالله -رحمه الله- بشكل جدي في الحياة العامة. وكان إعلان رؤية 2030 بالزخم الذي أُبرزت به حدثاً عالمياً حرك المياه الراكدة وشد العالم لما تعد به التحولات الجديدة في المملكة العربية السعودية وأضطر بعض رموز الصحوة للاعتراف بالتشدد الذي مورس منهم ضد المجتمع وأصبحت النقلة النوعية التي تعيشها المملكة في هذه المرحلة محط أنظار العالم بما تعد به من انفتاح تنموي في شتى المجالات مع أن المجتمع المحافظ في كل مكان يجد صعوبة في التعايش مع التغيير السريع والعلاج بالصدمة ولكن مرور الوقت -وفي جو يسوده الأمن والاستقرار- يتعود المجتمع على التكيف ومواكبة مستجدات العصر بدون التفريط في الثوابت.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store