Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

«الأخلاق» بعد «الصحوإخوانية» يا معالي الوزير..

A A
العدل، الرحمة، الصدق، الأمانة، المروءة، التواضع، حُسن الظن وغيرها من القيم الأخلاقية، في مجموعها مبادئ إنسانية ثابتة لكل الأزمنة والمجتمعات، مما نصت عليه جميع الأديان؛ فبها تتبلور شخصية الفرد وتُنظم سلوكه مع أسرته ومجتمعه ووطنه، لذلك تُعتبر»الأخلاق «كُلاً لا يتجزأ»، إنها عامود تكوين الحضارة المجتمعية والتنمية الإنسانية.

ولأن «الصحوة» ما يزيد عن ثلاثة عقود مضت سعت بما تلوثت به من فكر إخواني مستغلة التعليم والمساجد، إلى اختطاف المنظومة الأخلاقية لأفراد المجتمع من سياقها الجوهري الإنساني، وتشكيلها في سياق»شكلي أنوي» يتفق مع»التنمر الصحوي» في الوعي الأخلاقي، وهو ما تناولته في مقالي الأحد الماضي (ما فعلته «الصحوة» في «الأخلاق») ، كان ذلك مقابل فئة أخرى رفضت اختطافها بظل انفتاح إعلامي على الآخر؛ والذي بدوره سعى عبر تقنيات التواصل الدرامي كالسينما مثلاً واللادرامي «السوشل ميديا» إلى تسويق منظومة الأخلاق الغربية المتطرفة أحياناً لدرجة الانحلال بما لا يتوافق مع قيم الإسلام والهوية العربية وتراثنا السعودي الأصيل؛ وهذه الفئة وإن كانت ضئيلة تشبثت بمنظومة الأخلاق الغربية كنتيجة عكسية لمواجهة «التنمر الصحوي» وأخرجت بدورها جيلاً شبه منفصل عن لغته وهويته.

لكن ليست هذه المشكلة؛ إنما اليوم وفي ظل إصلاح ما أفسدته الصحوة، نجد هناك محاولة اختطاف للوعي الأخلاقي في المجتمع تستغل التحول الوطني لبث سمها، وتتمثل في الفئة المعتقدة أن الأخلاق الغربية هي المناسبة؛ وهو ما نراه عبر وسائل الإعلام المنفتحة تقنياً خاصة «السنابشات»المرافقة لنا ولا يمكن التحكم فيها؛ لتدخل الوعي الأخلاقي الذي يعيش اليوم طور التشكل من جديد خلال عملية التطهير من «الصحوإخوانية» في نفق أسلوب الحياة الغربية الفردانية، والتي تسعى لتقديمها كنموذج مثالي أمام جيل الشباب الجديد المنبهر بالآخر دون استيعابه مدى هشاشة تلك المنظومة وخللها؛ والتي تتكئ على قشرة هشة جداً لا يحافظ عليها سوى نظام قانوني صارم في الغرب؛ ومتى ما غاب القانون عنها عادت إلى همجية الإنسان الحجري؛ وهنا مكمن الخطورة!، إذ إن القوانين غاية في الأهمية لمن لا أخلاق لديه، لكن تأسيس البنية الأخلاقية مهم أيضاً لمساندة القوانين.

ولأن وزارة التعليم أهم منبر لبناء أجيال الغد ونحن في طريقنا إلى التحول الوطني وتحقيق رؤية السعودية 2030؛ وهي اليوم تقدم أهم المشاريع التربوية المتمثلة في «إسناد التعليم المبكر للبنين إلى المعلمات» بجانب ما لمسناه في تطويرها الجاد للمناهج التعليمية بما يتفق مع هويتنا السعودية الأصيلة والمعاصرة؛ فإني آمل من معالي وزير التعليم د.حمد آل الشيخ وهو رجل خبير وتربوي باحث تبني اقتراح لطالما ناديتُ به وهو إضافة منهج تعليمي هو «مادة الأخلاق» وتخصيصها للمرحلة الابتدائية؛ لتأسيس الأطفال على الأخلاق مع الله تعالى ومع الوالدين ومع الأسرة والمجتمع ووطنه وأيضاً أخلاقه مع الحيوان والبيئة والمنشآت في مجتمعه.

ربما يقول قائل: الأخلاق يتم تدريسها عبر المناهج التعليمية والأنشطة اللاصفية!، وسأكون صريحة، فمخرجات «التنمرالصحوي» لوثت أجيالاً سابقة؛ ولن يمنع بعضهم من فرز مفهومه الخاص للأخلاق عبر تلك المناهج!، لكن حين نضع منهجاً موحداً لـ»الأخلاق» فنحن نمنع الاجتهادات الفردية في تفسيرها، ونؤسس بنية أخلاقية تحمي القوانين وليس العكس؛ لذلك آمل أن نرى قريباً مادة «الأخلاق» حماية لوعي أبنائنا من الاختطاف.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store