Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عائشة عباس نتو

امنحوهم العمل «كريمًا»

مزامير

A A
تتداعى التغيرات الجذرية المتسارعة بأسرع من تداعي الأفكار والخواطر في السنوات الأخيرة في بلادي، الهث في هذه الأيام لمواكبتها فرحة مستبشرة، داهمتني فكرة تجربة المواصلات الحديثة بقيادة الشركات الكبرى «سيارات أوبر وكريم» استخدمتها بسبب سفر سائقي الخاص المفاجئ، ونجحت في التجربة، لم أكن أعلم أني سأكتشف شبابًا في عمر الورود من وطني يحصدون رزقهم من مهنة توصيل المشاوير، شبابًا يجوبون الشوارع لطلب لقمة العيش وإشعال كل ومضة من نور يوقدها بضنى السنين وعرق الليالي، غايتهم العناية والرعاية للعملاء، المهنية سائدة في سلوكياتهم، منتشرون كالرطب في الصيف، تعقيبًا على كل طلب للعميل، لهم المفردات المحلية الجميلة، «سمي، وابشري، وحاضر» لوهلة اكتشفت أن هناك مقولات قديمة مترسّخة لدينا وآن لها الآن أن تنقرض مع هذه القفزات النوعية في سوق العمل لعل أهمها وأكثرها إزعاجًا مقولة: «السعوديون يحبون عمل المكاتب»، لم يعد الأمر كذلك إطلاقًا بعد أن تهذّب مفهوم العمل لدى المجتمع حيث تبدل مسمى سائق سيارات الأجرة إلى مسمى «كابتن»، وتبدلت سيارة الأجرة من مفهومها القديم، إلى سيارة خاصة نحرص على نظافتها وجودة عملها.. كذلك الحوار بين سائق المركبة والعميل على قيمة المشوار أو وصف المكان وتقدير الزمان، حلت الأنظمة الإلكترونية التي تديره، كخارطة الطريق (جوجل ماب)، وهي تحوّلات غاية في الأهمية إذ تتجاوز المسمى والآلية لتشكل سلوك ورؤية وتنظيم يحفظ الحقوق ويرتقي بتقديم الخدمة إلى مرتبة المساواة بين الأجير والمؤجر.
هكذا إذًا في هذا العصر أصبح أبناؤنا في كل المهن دون انقطاع كالشمس والقمر، كانت تجربتي أيها الكريم، مسرحية من فصول متنوعة مع سائقي أوبر وكريم، ورغم ذلك أقسم بأعظم الإيمان.. أن أبناءنا يمتهنون كل الأعمال المهنية، فقط امنحوهم الفرصة كما فعلت تلك الشركات الكبيرة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store