Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

قرار حضاري فِي هدي قرآني

A A
لم تعد السياحة والتجوال في أرض الله الواسعة مختصرة على رجال المال والأعمال، ومن وسَّع الله عليهم رزقهم.. فالحياة العصريَّة وما يكسبه العمَّال والموظَّفون من حقوق تُمكِّنهم من قضاء إجازة لشهر كامل على الأقلِّ مدفوعة الأجر.. وفي عدد من البلدان الصناعيَّة المتقدِّمة يتلقون راتبًا إضافيًّا يساعدهم على تغطية نفقات سفرهم وإقامتهم دون إرباك ميزانيَّة نفقاتهم الدوريَّة.. أمَّا في بلدان تُعنى بتهيئة الجيل الجديد لمستقبل أفضل عطاء، وفي اليابان خاصّة، فترتَّب للناشئة وهم في مراحل دراستهم الابتدائيَّة والثانويَّة رحلات ثقافيَّة داخل اليابان، يزورون خلالها المدن الكبرى، ويتوقَّف بعضهم في المصانع والمراكز العلميَّة للتعرًّف على إنتاجها، وعلى ما هو متوقَّع في خططها المستقبليَّة لتطوير وسائل التصنيع والإنتاج والتسويق.

ويزور آخرون البعثات الدبلوماسيَّة الأجنبيَّة في العاصمة طوكيو للتعرُّف على طبيعة عملها في تقوية وتمتين العلاقات على تعدُّد أوجهها بين دولهم واليابان.. وبهذا يتوسَّع إدراك الجيل الجديد لما ينتظره من عملٍ بعد تخرّجه من معهده أو جامعته.. في الوقت ذاته، تبادر الدول التي نالت نصيبها من مواقع مميَّزة لفتح حدودها أمام عشَّاق السياحة من دول العالم كافَّة، موفِّرة لهم وسائل التنقُّل والتجوال والإقامة والتعرف إلى معالم البلد التراثيَّة، وإلى مشروعات التنمية للمستقبل، وممارسة الهوايات الرياضيَّة الترفيهيَّة.

لقد أكرم الله بلدنا بموقع مميَّز يتوسَّط قارَّات العالم الثلاث الكبرى، وأنعم عليها بتراثٍ حضاري يعود إلى بدء الخليقة، وبتضاريس طبيعية جمعت بين الشواطئ في شرق المملكة وغربها، وبقمم جبال شاهقة في الغرب، وصحراء حالمة في الوسط، ومنتجعات نيوم في الشمال الغربي.. في هذا كلَّه إغراء لعشَّاق السياحة لزيارة بلدنا، واكتشاف ما فيها من فرص استثماريَّة لتطوير صناعة السياحة التي هي على رأس قائمة تنمية 2030.

لقد بادرت قيادة بلدنا الرشيدة بفتح الأبواب مشرَّعة لاستقبال عشَّاق السياحة من العديد من دول العالم، ميسِّرة دخولهم المملكة بتأشيرات سياحيَّة يتمُّ الحصول عليها إلكترونيَّا بيسرٍ وسهولة.. وهذا الإجراء، قفزة حضاريَّة تساهم في تمتين روابط التعايش مع الآخرين من منطلق قرآني بقوله تعالى في سورة هود، الآية 118: ﴿ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين﴾. وفي الآية 13 من سورة الحجرات: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، وعلى هذه الأسس، انتشر الإسلام في أرجاء المعمورة حيث لا عصبيَّة ولا عنصريَّة ولا طبقيَّة، بل تعايش قائم على التقوى والإخلاص في القول والعمل. وتقييم العمل هو للخالق عزَ وجلّ طبقًا لقوله تعالى في الآية 26 من سورة الغاشيةً: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم﴾.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store