Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

رسائل الأنا الظنية.. في تفسير المظالم البشرية!

A A
شعُور الإنسَان بأنَّه ضَحيَّة؛ شعُورٌ رَائِج ومُنتَشِر، وهُنَاك قُوَى خَفيَّة دَاخِل كُلّ إنسَان؛ تُحَاول أَنْ تُعزِّز هَذا الشّعُور وتُقوِّيه، لأنَّ مِثل هَذه المَشَاعِر؛ تَجعَل الإنسَان يَشعر ببَعض التَّوَازُن، وبَعض العَزَاء، وبَعض التَّبرير والتَّفسير، للوَاقِع الرَّديء الذي يَعيش فِيهِ..!

دَعونَا نُسمِّ هَذه المَشَاعِر، بأنَّهَا النَّفس الأمَّارَة بالسّوء، أَو -كَمَا يُسمِّيها الدّكتور «جيرالد جامبولسكي» (الأنَا)، وهَذه «الأنَا» تُحَاول أَنْ تُبرِّر وتُفسِّر؛ شعُور الإنسَان بالمَظلُوميَّة والاضطهَاد..!

يَقول الأُستَاذ «جامبولسكي»: (مَرَّة بَعد مَرَّة، تُوجِّه إلينَا «الأنَا» رِسَالَة، بأنَّنا نَحيَا فِي عَالَمٍ لَا إنصَاف فِيهِ، نَكون فِيهِ ضَحَايَا، مَا لَم نَكُن دَائِماً وأَبداً يَقظين، وستَسعد «الأنَا»؛ عِندَمَا نَقتَنع بكَوننَا ضَحَايَا، لأنَّنا سنُسلِّم قُوَانَا إليهَا، وآخِر شَيء تُريدنَا «الأنَا» الاقتنَاع بِهِ؛ هو أَنَّنا نَملُك حَقّ الاختيَار، وأَنَّنَا يُمكن أَنْ نَختَار أَلَّا نَكون ضَحَايَا، بَل يُمكننَا أَنْ نَختَار الحُبّ، بَدلاً مِن الخَوف، وأَنْ نَغفر بَدلاً مِن أَن يَبقَى فِي دَاخلنَا الشّعُور بالمَرَارَة، والحَسَد والتَّذمُّر)..!

إلَى أَن يَقول: (مِن السَّهل مُلَاحَظة أَنَّ «الأنَا»؛ تَرَى فِي السَّعَادَة والحُبّ ورَاحَة البَال، أَعدَاء لَهَا، لأَنَّنا عِندَمَا نَستَمتع بحَالتنَا النَّفسيَّة، فنَحنُ إنَّمَا نَستَمتع بكَينونتنَا الرُّوحيَّة، فنَرَى العَالَم مُختَلفاً تَمَاماً؛ عَمَّا تُحَاول «الأنَا» تَصويره لَنَا، ويَكون التَّسَامُح سَهلاً؛ عِندَما نَنظُر إلَى العَالَم مِن خِلَال عيُون مَليئَة بالحُبّ، لأنَّه قَد أَصبَح مِن الوَاضِح؛ أَنَّ الأجوبَة التي نَسعَى وَرَاءهَا طُوَال حيَاتنَا، يُمكن العثُور عَليهَا هُنَا، ولَيس مِن خِلال مُعتَقدات «الأنَا»، حِيَال الأَشيَاء الخَارجيَّة)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّ «الأنَا» الأمَّارَة بالسّوء، تَجعلنَا دَائِماً نَرتَاح إلَى الإحسَاس بالمَظلُوميَّة، والشّعور بالاضطهَاد، فهَل انتَبهنَا إلَى هَذا وكَافحنَاه، مِن أَجلِ حيَاةٍ مِلؤهَا السَّعَادَة..؟!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store