Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

لبنان إلى أين؟!

A A
قد لا يوجد دولة في العالم تشبه لبنان من حيث التاريخ والجغرافيا والتقلبات السياسية والتنوع الطائفي للتركيبة السكانية.. لبنان منذ تأسيسه كدولة عربية الانتماء، فرنسية الهوى، تتشارك على أرضه المسيحية والإسلام دينيًا وسياسيًا، وعبر تاريخه كان مشاركًا إيجابيًا في الأدب والفكر العربي..

رئيس الجمهورية مسيحي ورئيس الوزراء مسلم حسب الدستور وحسب افتراض نسبة السكان عند التأسيس برغم إن الواقع يتحدى تلك النسبة لأن هناك من يدعي بأن الأغلبية كانت مسلمة من البداية ولكن الاستعمار الفرنسي جسّد (عقدة أوديب) في ذلك البلد العربي واستمر يرعاها بميكافلية ماكرة.

كان الترتيب السياسي شبه مستقر قبل دخول حزب الله -بانتمائه لإيران- على المشهد وقبل مجيء الخميني الذي وضع خطة تصدير الثورة، وكان لبنان بتسامحه المكان المناسب لمشروع إيران التي تتوعد بإزالة إسرائيل وتحرير فلسطين من أجل تحقيق أهدافها الإستراتيجية، فلا إسرائيل أُزيلت ولا فلسطين تحررت، بل إن المخيمات الفلسطينية في لبنان وغيرها عاشت ولازالت تعيش أسوأ الحالات الإنسانية وجريمة «مخيم صبرا وشاتيلا وطرد المقاومة والرئيس الراحل عرفات من بيروت» الذي لولا تدخل المملكة لقضوا عليهم وكانت تلك الممارسات من أبشع الجرائم التي تعرض لها الشعب الفلسطيني.. والأحداث تثبت أن كل ما حصل في لبنان من اغتيالات -وعلى رأسها مقتل الرئيس رفيق الحريري- كان لحزب إيران يد فيها بالتعاون مع مليشيات أمل التي بيدها الرئاسة اللبنانية حاليًا؛ وهذه فرصة خلاص لبنان من المحاصصات الطائفية ووجود الدويلة داخل الدولة.

خطاب سعد الحريري يوم الجمعة الماضية كان يقطر ألمًا ويتدفق وضوحًا لما يعيشه لبنان، والمشاركون في التغطية الإعلامية كانوا أكثر وضوحًا عندما اتفقوا على أن المشكلة تكمن في وجود دويلة داخل الدولة أبعدت لبنان عن محيطها العربي الداعم لوجود الدولة اللبنانية منذ نشأتها الأولى وتعدى ذلك إلى حشد دولي ضد حزب إيران ومكوناته الإرهابية التي يتبجح بها عميل إيران، أما أمين عام الحزب فهو يكرر انتماءه لإيران وتأييده لبشار الأسد ويشارك في كل الجرائم التي تُرتكب في سوريا من بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.. يدرب ويدعم الحوثي في اليمن ويشارك بفعالية في تمزيق العراق، كل ذلك بحجة أنه يحمي لبنان من إسرائيل في الوقت الذي عطل كل مقومات لبنان للحفاظ على سيادته وأمنه واستقراره وأفسد علاقاته مع جواره العربي ومكانته بين دول العالم.

الانتفاضة الأخيرة للشعب اللبناني، مطالبها مستحقة والأمل أن تستمر حتى تتعدل الأوضاع في لبنان بالقضاء على الازدواجية والتخلص من الدويلة الطائفية التي أخذت لبنان رهينة لحماية مصالح إيران.. وعلى المجتمع الدولي أن يدرك بأن الحكومة اللبنانية -الشكلية حاليًا- لا يمكنها بمفردها التخلص من نفوذ إيران التخريبي في المنطقة بداية بلبنان الذي أصبح عبئًا على العالم اقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا وحان الأوان لإيقاف ذلك النزيف بالقضاء على السرطان الذي زرعته إيران في لبنان ليكون منطلقًا لبث سمومه الإرهابية في أنحاء العالم العربي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store