Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

الفقر ليس له موطن خاص..!

A A
عندما يُنظر لظاهرة الفقر يُرى أنها عالمية، حيث لا يوجد للفقر مكان معين يختص به، بل أنه موجود في كل دول العالم، غنيها وفقيرها، بمستويات مختلفة، ولكنه يظل فقرًا يطارد شرائح من المجتمعات وعندما يمس حياة عدد كبير من المجتمع يجعلهم ينتفضون من أجل الخلاص منه.. والفقر والاستبداد متلازمان، وكلاهما عالمي التكوُّن فحيثما يوجد الاستبداد يوجد الفقر وحيثما يوجد الفقر ابحث عن الاستبداد.

ومن طبائع الاستبداد أن منشأه النزاع على السلطة التي من صفاتها الاحتكار وتفضيل جزء من المجتمع على آخر، ومن خلال التفضيل التنافس غير العادل في توزيع الثروة حتى تشمل كل شرائح المجتمع، كل حسب حاجته وضمان الحد الأدنى من متطلبات الحياة.. والمتطلبات يحركها التنافس الفردي والجماعي داخل المجتمع الواحد، فالمجتمع أو الإنسان الكسول يظل جهده للسعي لحياة أفضل أقل من ذلك الإنسان النشط المبدع الذي يسعى للتقدم من خطوة إلى أخرى بقدراته الذاتية وبأقل قدر من المحفزات، وكما ورد في المثل (النجاح يولد النجاح).

الانتفاضات التي نشهدها في العالم العربي لها شعارات مشتركة تطالب بالخروج من معاناة الفقر والتخلص من الاستبداد السياسي.. ونلحظ أيضًا أن الغنى والاستبداد متلازمان والدليل أن المتشبث بالسلطة لا يريد أن يفرط في الامتيازات والسلطة التي جعلت منه ثرياً بعيدًا عن دائرة الفقر.. وأن يكون الإنسان غنيًا ليس بالضرورة أن يكون عادلاً وكذلك حظوة السلطة ليس بالضرورة أن تجعل المستبد يتخلى عن مغريات السلطة ويضحي بالامتيازات ولهذا توجد ظاهرة الفقر والاستبداد في كل المجتمعات صغيرها وكبيرها، غنيها وفقيرها.

انتفاضات الربيع العربي وتداعياتها حصلت بسبب الاستبداد والفقر.. والصراع على السلطة هو سعي لاستبدال سلطة كانت أقسى في وسائل الاستبداد بسلطة تبدأ بالادعاء أنها ستكون بديلاً عادلاً ولكنها في نهاية المطاف تنتهي إلى حيث كان سلفها وحلقات الفقر والاستبداد والحرمان مستمرة.

في أمريكا أثرى دول العالم يوجد استبداد سياسي وفقر.. وفي اليابان وأوربا والصين والدول النفطية يوجد بها فقر واستبداد ولذلك يحق القول بأن كل المجتمعات تعاني من الفقر والاستبداد والإنسان هو المتسبب في كل ذلك.. كما أن الفقير عندما يصبح من طبقة الأغنياء يقترب كثيرًا من طبقة المستبدين بزعم الحفاظ على ما وصل إليه.. ومرة أخرى نرى أن ذلك يحصل في كل المجتمعات.. والحروب الأهلية تعد أقصى وأبشع درجات النزاعات في المجتمعات من أجل التخلص من وطأة الفقر ولكن سرعان ما تنسى وتدخل بطوعها في دائرة الاستبداد الذي انتفضت عليه.. ويحق القول أنه لا يوجد دولة أو مجتمع في العالم خالٍ من الفقر وأسبابه.. هذا ليس تبريرًا لوجود الفقر ولا دفاعًا عن الاستبداد وأينما توجد العدالة الحقة فإنها تكفل القضاء على متلازمة الفقر والاستبداد وفي نهاية المطاف كل شيء في الحياة نسبي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store