Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

نحو حقبة جديدة واعدة في العلاقات السعودية الروسية

A A
حظيتُ بالمشاركة في لقاء ودي حضره سعادة السفير محمد أحمد طيب، مدير عام وزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة سابقاً، كما حضره سعادة الدكتور رمضان عبداللطيبوف، السفير المفوض وفوق العادة، المندوب الدائم لروسيا الاتحادية لدى منظمة التعاون الإسلامي، كما ضم اللقاء عدداً من رجال العمل الدبلوماسي، والمفكرين، ورجال الأعمال السعوديين البارزين، إضافةً إلى دبلوماسيين وممثلين لروسيا الاتحادية في المملكة في قطاعات عدة، بعضهم يتحدث العربية بطلاقة، وبعضهم الآخر يتقنها كأهلها، وكانت الليلة ساحرة بامتياز على شاطئ أبحر الجنوبية، الذي يعتبر امتداداً لكورنيش جدة الساحر، في إطلالة بانورامية من أدوار عليا، ولم يتردد الضيف الروسي في التصريح بكل حميمية بأن شاطئ جدة هو أجمل شواطئ العالم، وقد كانت مناسبة ودية بعيدة عن كل مظاهر البروتوكولات والرسميات، وكانت أشبه بمنتدى ثقافي واجتماعي شارك فيه كل الحضور الذين تحدَّثوا بكل أريحية عن الروابط التأريخية والثقافية والاقتصادية والسياسية الوثيقة بين المملكة العربية السعودية وروسيا، التي تزداد قوة ومتانة في الوقت الحاضر.. وتَمثَّل ذلك في زيارة الملك المُفدَّى لروسيا، وكذلك زيارة سمو ولي العهد، ومؤخراً الزيارة الناجحة لفخامة الرئيس الروسي بوتين للمملكة، وخلال تلك الزيارات التأريخية المتبادلة عُقدت اتفاقات، وأقيمت شراكات في المجالات كافة، تُؤسِّس لانطلاقةٍ كبيرة في ترسيخ العلاقات بين البلدين القائمة على التعاون والتفاهم المشترك.

وقد أثنى سعادة السفير المفوض الروسي على هذا التوجه الذي يؤكد على توازن السياسة الخارجية السعودية بين الشرق والغرب، كما يؤكد على المكانة الرفيعة للمملكة لدى الدول الكبرى وفي كل المحافل، وشرح السفير طيب الأبعاد الكامنة وراء العلاقات القوية بين البلدين، نظراً للتقارب الجغرافي بينهما، مقارنةً بدولٍ أخرى قصية، والقرب الجغرافي يشي بقرب ثقافي، وأشار إلى نسبة المسلمين العالية جداً في روسيا الاتحادية، وهم جميعاً سكان أصليون فيها، وليسوا مهاجرين، كما هي الحال في كل دول أوروبا وأمريكا. وأشار السفير طيب إلى أن العلاقات الجيدة بين المملكة وروسيا تعود إلى العهد الأول لتأسيس المملكة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله، وهو ما أكَّده المتداخلون من الروس والسعوديين على حدّ سواء، وكان لرجال الأعمال السعوديين مداخلات مهمّة، على رأسها اقتراح قدَّمه المهندس حسين بحري رئيس مجلس إدارة شركة (أمّات الدواجن)، بأن تتيح روسيا الفرصة للمستثمرين السعوديين لتملُّك أراض مناسبة واستزراعها، ويشمل ذلك القمح والأعلاف وغيرها، وأوضح أن هناك عدداً من رجال الأعمال المستعدين تماماً لمثل ذلك الاستثمار، إن ووفق عليه من المسؤولين في البلدين، وأبدى الدكتور عبداللطيبوف تحمّسه للفكرة، ووعد بعرضها على الجهات المسؤولة في روسيا، وكان لي اقتراح شخصي بوصفي خادماً للتعليم الجامعي لمدة تصل إلى خمسة وأربعين عاماً، أن تفتح الجامعات الروسية باب المنح الدراسية للطلاب السعوديين في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، في كل التخصصات، خاصة العلمية التطبيقية، كالطب والهندسة والعلوم، ويكون ذلك توطئةً لابتعاث المعيدين لروسيا، لتعلُّم الروسية، وتنويع المدارس الفكرية، والاطلاع على الكشوف العلمية الروسية ونقلها للعربية.

واستحسن د. عبداللطيبوف الفكرة، ووعد بالسعي لتحقيقها، لأنه رئيس سابق لجامعة موسكو، كما أنَّه أكاديمي مخضرم وله عشرون كِتَاباً علمياً وثقافياً، أهمها كِتابه: «الإسلام في روسيا»، الذي يأمل في أن يُترجم للعربية، كما أبدى استعداده لإلقاء محاضرة عن العلاقات السعودية الروسية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، إن تلقى دعوة، وإن اتخذت الإجراءات النظامية اللازمة.

نحن ولاشك نعيش حقبة جديدة واعدة من العلاقات القوية والراسخة بين المملكة العربية السعودية وروسيا بعد الزيارات المتبادلة بين القيادتين السعودية والروسية التي دعمت تلك العلاقات، وما طُرح في هذا اللقاء الودي غير الرسمي، يُقدِّم بعض الأفكار لترسيخ تلك العلاقات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store