Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

التسامح للعمر السانح!

الحبر الأصفر

A A
للتَّسَامُح مَرَاحِلٌ مُتعدِّدة، وقَد اهتَمَّ الأطبَّاء فِي الصحَّة النَّفسيَّة؛ بكُلِّ مَرحَلَةٍ يَمرُّ بِهَا مَن يُريد التَّسَامُح، لأنَّه -فِي نَهاية الأَمَر- مَهَارَة تَحتَاج إلَى خُطوَاتٍ وتَدرِيبَات وإجرَاءَات..!

ومِن النَّمَاذِج المُشْرِقَة، تَجربة الدّكتور "فريدريك لوسكين"، حَيثُ قَسَّم مَرَاحِل التَّسَامُح؛ إلَى أَربَعة أَقسَام عَلَى النَّحو التَّالي:

* المَرحَلَة الأُولَى:

عِندَمَا يُسيطر عَليكَ الغَضَب مِن تَجرُبَةٍ مُؤلِمَة، تُشعرك بالظُّلم، حَيثُ تَلوم الأَشخَاص الذين أَسَاؤوا إلَيك. رُبَّما كُنتَ مَكلُوماً، وتَرَى أَنَّه لَيس مِن الصَّوَاب؛ أَنْ تُسَامِح مَن تَسبَّب لَكَ بالإسَاءَة. فِي هَذه المَرحَلَة تَجد نَفسك غَارِقاً فِي الغَضَب، مَع شعُور عَظيم بالأَلَم..!

* المَرحَلَة الثَّانيَة:

بَعد شعُورك بالضِّيق مِن أَمرٍ مَا لبَعض الوَقت، تُدرك أَنَّ الأَلَم والغَضَب لَا يُفِيدَانك، ولَا يُشعِرَانك بالرَّاحَة، بَل يُؤثِّران عَلَى تَوازنك العَاطِفي، أَو صحّتك الجَسديَّة. قَد تَرغب فِي إصلَاح الأَضرَار التي لَحقَت بالعَلَاقَة، واتخَاذ خُطوَات نَحو التَّسَامُح، وهَكَذا بَعد فَترَة طَويلَة مِن الزَّمن، سيَتلَاشَى شَيئاً فشَيئاً شعُورك بالضِّيق، لأنَّكَ تَسَامَحت مَع المَوقف، الذي تَسبَّب لَكَ بالضِّيق مِن شَخصٍ مَا..!

* المَرحلَة الثَّالِثَة:

بَعد رُؤيتك لنَتَائِج التَّسَامُح التي حَقَّقتهَا، بَدَأت تَتَخَلَّى عَن الآلَام، وتَتَعَافَى ذَاتياً، وتُفكِّر فِي تَرميم العَلَاقَات التي تَرغب بِهَا، بَعد أَنْ رَأيتَ نَتَائِج التَّسَامُح، وتَأثيرهَا الإيجَابي عَلَى حيَاتِك..!

* المَرحَلَة الرَّابِعَة:

هَذه المَرحَلَة تَنطَوي عَلَى اختيَار عَدم المُبَالَاة فِي المَقَامِ الأَوَّل. وهَذا يَعنِي أَنَّك عَلَى استعدَاد للمُسَامَحَة، قَبل البدء مُجدَّداً..!

وفِي هَذه المَرحَلَة، غَالِبًا مَا تَظهَر فِي رَأسِك بَعض الأَفكَار التَّالية:

- لَا أُريد أَنْ أُضيِّع حيَاتي الثَّمينَة؛ فِي المَتَاعِب النَّاجِمَة عَن الغَضَب، أَو الشعُور بالأَذَى، لِذَلك قَرَّرتُ أَنْ أَشعُر بشَكلٍ مُختَلِف..!

- عَلَيَّ أَنْ أَكُون قَادِراً عَلَى أَنْ أُسَامِح نَفسِي، وأَنْ أُسَامِح الآخَرين، والتَّسَامُح مَع الحيَاة، وأَنْ يُسَامحني الله..!

- إنَّني أَتألَّم لعَدم مُسَامحة الآخَرين لِي، ولَا رَغبَة عِندي فِي التَّسبُّب بالأَذَى لأَحَد بأَفعَالي، لِذَلك سأَنظُر للمُشكِلَة بطَريقةٍ؛ تُمكّنني مِن التَّعَامُل مَعهَا، أَو تَجَاوزهَا..!

- الحيَاة مَليئَةٌ بالجَمَالِ العَجيب والرَّائِع، وأَنَا أَفتَقد ذَلك، فإذَا كُنتُ عَالِقاً فِي ذِكرَى قَديمَة مُؤلِمَة، أَو خَيبة أَمَل، عَلَيَّ أَنْ أُسَامِح نَفسِي..!

- الجَميع -بمَن فِيهم أَنَا- يَهتَم فِي المَقَام الأَوَّل؛ بمَصلحتهِ الشَّخصيَّة، لِذَا يَجب أَنْ لَا أَشعُر بالانزعَاج مِن تَصرُّفَات الآخَرين، بِمَا تُمليه عَليهم مَصَالحهم الشَّخصيَّة، فهَذه سنَّة الحيَاة، ويَجب أَن نَتفهَّمهَا فِي هَذا السيَاق..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: هَذه مَرَاحِل التَّسَامُح، التي يُمكن أَنْ نُطبّقها، كَمَا أَنَّهَا قَابِلَة للإضَافَة والتَّعديل، لأنَّ النَّاس يَختَلفون فِي سُرعة تَجَاوبهم مَع التَّسَامُح، فهُنَاك مَن يُسَامح بسُرعَة، وهُنَاك مَن يَتبَاطَأ فِي اتِّخاذ قَرَار المُسَامَحَة..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store