Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أسامة يوسف

كيف تسهم السرعة في التخلف؟!

A A
من البديهي أن العالم اليوم مشغول بالسرعة، سرعة نقل المعلومة، ونتيجتُها الاستفادة من العلوم وتطوير الأشياء، سرعةُ الاستشفاء وسرعة وسائل النقل بالإضافة إلى سرعة التعبير، وسرعة التلقي، وسرعة التفاعل، وسرعة التقسيط والربح السريع، وسرعة الحصول على كلّ المُتَع والأماني!.

هذا كله قد ينحصر تحت (سرعة المعلومة) أو سرعة (النقل)، وربما سرعة اتخاذ القرار حتى على مستوى الابتكارات والقنابل الذرية.

هذه السرعة لها انعكاسات سلبية أيضا، إذا لم يقابلها وعيٌ جيّد، فكثير من الأمراض التي نحمد للسرعة الإسهام في علاجها، والإسعاف من الموت بسببها، سواء بوسيلة النقل أو بسرعة نقل المعلومة، من بحثٍ أو نتيجة تحليل قادمة من آخر بقعة في الدنيا، هذه الأمراض بعضها لولا السرعة والتسارع لم تحدث من الأساس! (حوادث + مأكولات سريعة).

ومع المطالبات بتقنيات أسرع في معالجة المعلومات وفي المجال الطبي والرقمي تحديدًا، فما زلنا نطالب بالحذر في السرعة والتسارع! ألم نفقد كثيرًا بسببها؟، سرعة نقل المعلومة أسهمت كثيرًا في التخلف، وتمني الرجوع لعصور ما قبل العجلة، كيف؟!.

نستغرق -مثلا- في تجمُّعات التطبيقات الإلكترونية في حوارات جدلية حول قضيةٍ ما، ثم يفاجأ الأعضاء بعد مرور سنة أو سنتين بتكرار الصورة أو مقطع الفيديو، ونظل أيامًا نتناقش، وهذا يُحذِّر وذاك يُبيّن أن المقطع قديم، وآخرون يرون ضرورة النقاش، ونتعارك من جديد سعيًا لاختراع العجلة التي دارت من عقود!.

النتيجة: ضياعُ كثيرٍ من الأوقات بعد أن أسهمت «السرعة» في صناعتها وتوفيرها وتهيئة أجوائها.. فالسرعة تُوفّر الوقت لتساعد في تضييعه أضعافًا مضاعفة!.

الإشاعة على سبيل المثال خدمتها «السرعة» بشكلٍ كبير في الانتشار، وتستغرق الجهات المعنية وقتًا طويلاً في الرد على الشائعة بالتحقّق، والدراسة وبحث التأثير، ومحاولة تخليص الناس من آثارها، والدراسات في هذا كثيرة، والعامل المساعد الأكبر هو «السرعة».

فهل سنتمنى انخفاض «السرعة» في المعالجات التقنية القادمة (السيارات، والطيارات، والجوالات).. وغيرها من التطبيقات، حتى لا نتخلّف أكثر بسبب «السرعة»؟!.

هذا ما سوف تُجيب عليه الأبحاث (الاجتماعية) و(النظرية) التي يسعى مختصون لإهمالها وإلغائها والتركيز والاتجاه إلى ما يخدم فقط عصر «السرعة» من عُمّال وأدوات مادية دون تفكير «إنساني» ذكي! حتى «يُسرع» الكون في التوحُّش، وصناعة الغول المادي متناهي الضخامة متناهي السرعة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store