Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

الحقد الصفوي القديم المتجدد

A A
لمن لا يُفرِّق بين الشيعة؛ محبِّي آل بيت الرسول، وبين شيعة الصفويِّين؛ عجم هذا الزمن الذين وصفهم أبوالطيِّب المتنبِّي بقوله:

وَإِنَّمَا النَّاسُ بِالمُلُوكِ وَمَا تُفْلِحُ عُرْبٌ مُلُوكُهَا عَجَمُ

لَا أَدَبٌ عِنْدَهُمْ وَلَا حَسَبٌ وَلَا عُهُودٌ لَهُمْ وَلَا ذِمَمُ

جدير بهم أن يعوا أنَّ الصفويِّين، هم الذين يحقدون على أحفاد العرب، الذين خرج جدودهم من جزيرتنا العربية، حاملين مشعل الهداية والنور إلى أرجاء العالم القديم كافَّة، وكان لهم -بفضل الله وصفاء عقيدتهم- القضاء على عرش كِسرى وما مَثَّله من وثنيَّة، ودخول الفرس وجيرانهم في الإسلام، ونبوغ العديد من مُفكِّريهم في علوم الدين واللُّغة وأدبيَّاتها والفنون على تعدُّد أشكالها، بلسانٍ عربي، وعقيدةِ الإسلام الحنيف، حتَّى قيام الشاه إسماعيل الصفوي بالاستيلاء على مقاليد الحكم في بلاد فارس عام 1502، مؤسِّسًا الدولة الصفويَّة عَلى مذهبه الخاص، ومجبرًا السكَّان على اعتناقه، وقضى وأتباعه على حياة مئات الألوف من المسلمين. ثمَّ أعقب ذلك صدامات دمويَّة بينهم وبين مسلمي الدول المجاورة، فقضت على الحكم الصفوي، ليعود مُجدَّدًا للسلطة، وتَتجدَّد المعارك والصدامات الدمويَّة، وما تزال بينهم وبين جيرانهم.

من أكثر تلك الصدامات خطرًا في زمننا الراهن، قيام الخميني بثورة سمَّاها «إسلاميَّة» تعمل على فرض معتقده الصفوي، والملاحظ أنَّه كلَّما انكشف إجرام الصفويِّين وبُعدهم عن مبادئ الدين الحنيف، وتضييقهم على أهل السنَّة والجماعة في إيران في ممارسة شعائر الدين، وإشعال فتن الفوضى في البلدان المجاورة، مُهدِّدين الأمن والأمان والاطمئنان، قامت قوى عالميَّة وإقليميَّة داعمة لهم بالسرِّ، بدعوة المملكة؛ حامية الحرمين الشريفين للحوار مع الفرس الصفويِّين، ومن يدور في فلكهم في البلدان العربيَّة بحجّة وقف نزيف الدم .. مع العلم بأنَّ كثيرًا من دعاة الحوار اليوم كانوا وما يزالون وراء زرع الفتن وبناء ميليشيات مسلَّحة تحت شعارات إسلاميَّة، كطالبان وداعش، وحزب الله وأنصار الله وسواها، غير مدركين أنَّ الحوار في سبيل حقن الدماء وإشاعة السلم والأمان من أولويَّات مملكتنا، مهتدية بالتوجيه القرآني لقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).

أمَّا: (فَبِمَا رحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ، إِنَّكً لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، فهي منذ قيام مملكتنا على يد المؤسِّس الملك عبدالعزيز طيِّب الله ثراه، وأنجاله البررة، قبل مئة عامٍ ما تزال نبراسًا وهداية، وتعمل وُفْق قواعد الإسلام الحنيف، وعلى أنَّ أمرهم شورى بينهم، وعلى الإخاء والمودَّة بين المسلمين لتوحيد كلمتهم ورفعة شأنهم، ومنع الفرقة والانقسام فيما بينهم في ضوء الآيات الكريمة من سورة الحجرات: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). وصدقَ أَحكمُ القائلين: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهِ الْكَافِرُونَ).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store