Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

مقابلة جون أبي زيد: المؤشرات والدلالات

A A
تابعنا كما تابع الكثير من المهتمين، المقابلة التي أجرتها قناة العربية مع السفير الأمريكي الجديد في المملكة العربية السعودية: جون أبي زيد، وهو من مواليد 1951م، في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، أي أنه يبلغ الثامنة والستين من عمره، وكان قائد القيادة المركزية الأمريكية والرجل الأول في حرب الخليج الثانية.

ويعود إلى أصول لبنانية كما يدل عليه اسمه بوضوح، وأسرة (أبي زيد) معروفة جداً في لبنان عموماً، وفي قضاء جزين خصوصاً ذي الأكثرية المسيحية، وتعتبر جزين من أجمل مصائف لبنان في الجنوب، والمصيف الأول لأهل الساحل الجنوبي في صيدا وصور، وسمعتُ من بعض الأصدقاء اللبنانيين أن (أبي زيد) يتحدَّث العربية جيداً، وأنه يُحب العرب ويتعاطف معهم، وهو أمر مفهوم ومعقول لأن أسرته اللبنانية الأولى هاجرت من جزين إلى أمريكا عام 1915م، ولاشك في أن العربية كانت لغة عائلته منذ طفولته الأولى وهو خريج جامعات ومعاهد عريقة كما تذكر بعض المصادر، مثل: جامعة هارفارد، والأكاديمية العسكرية الأمريكية، كما حصل على عدة جوائز مرموقة، منها ميدالية الدفاع للخدمة المتفوقة، كما تبوَّأ مناصب عسكرية قيادية عدة، وكان موضع ثقة عدد من الرؤساء الأمريكيين، انتهاءً بالرئيس الحالي: دونالد ترمب، وتعيينه في هذا التوقيت يحمل العديد من الدلالات كونه يعرف المنطقة جيداً، ومن أصول عربية، ومراقباً جيداً لكل تحركات إيران في المنطقة. كما أن المقابلة التي أجرتها قناة العربية معه مؤخراً تحمل العديد من المؤشرات والدلالات، ففي بداية المقابلة أشار (أبي زيد) بكثير من الاهتمام إلى العلاقة الوطيدة والقديمة بين المملكة وأمريكا التي تعود إلى خمسة وسبعين عاماً حين التقى الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بالرئيس الأمريكي روزفلت، وقد تكون تلك العلاقة أقدم علاقة لأمريكا مع دول المنطقة، لأن الدول العربية لم يستقل منها -وقتها- إلا دول قليلة جداً، ناهيكم عن أن المملكة العربية السعودية نعمت بالاستقرار والأمن على مدى أكثر من مائة عام، وهو ما لم يتحقق لأي دولة أخرى في المنطقة، وخلال هذا القرن الكامل من الزمان تكاملت للمملكة كل مقدمات الدول الحديثة القوية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، إضافةً إلى تنامي القوة البشرية فيها، إذ يتجاوز عدد مواطنيها عشرين مليوناً، ناهيكم عن أهميتها الدينية لوجود الحرمين الشريفين بين ظهرانيها ما جعلنا مهوى أفئدة ما يقرب من ملياري مسلم من كل أرجاء المعمورة.. عدا أهميتها الجغرافية الاستراتيجية المتمثلة في سواحلها الطويلة على البحر الأحمر والخليج العربي، وكونها أكبر مُصدِّر للنفط في العالم.

لذا كان حديث أبي زيد واضحاً وصريحاً في أن مهمته الأولى هي تقوية العلاقات بين المملكة وأمريكا، والتي هي قوية وتأريخية أصلاً، وتعلم أمريكا بأهمية المملكة العالمية الفائقة كما ذكرت، وحين سُئِل عمَّا إذا كانت تقوية العلاقات تقتصر على الجانب العسكري أجاب بأن تعزيز العلاقات سيكون في كل الجوانب، وليس في الجانب العسكري فقط. وكما دلَّت مقابلة أبي زيد على تأكيد أمريكا على العلاقات الوطيدة مع المملكة وحرصها على تعزيزها وتقويتها، دلَّت المقابلة كذلك على إدراك أمريكا للدور الإيراني التخريبي في المنطقة، فقد ذكر (أبي زيد) أن الإيرانيين يشعلون الحروب في المنطقة كلها عن طريق من ينوب عنهم فيها أي (حروب بالوكالة)، ويشمل ذلك ما يُسمَّى حزب الله، والمليشيات العراقية، والحوثيين في اليمن، وغيرهم، وذكر أن مشكلة أمريكا مع النظام الإيراني أنه يُصدّر الإرهاب، لذا عليهم أن يتوقفوا عن التدخل في شؤون الدول في المنطقة، كما ذكر السفير الأمريكي أن النظام الإيراني يفيد من الفوضى التي يحدثها في المنطقة.

كانت مقابلة العربية مع السفير أبي زيد من أهم المقابلات التي حددت السياسات الأمريكية في الخليج والشرق الأوسط، وأظهرت أن المملكة العربية السعودية كانت وما تزال من أهم حلفاء أمريكا إن لم تكن أهمّهم على الإطلاق، وبينت إدراك أمريكا للخطر الذي يمثله النظام الإيراني على السلم الإقليمي والعالمي، ما يشي بتحرُّك أمريكي قريب حيال هذا الخطر الداهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store